"إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان الرجل الوحيد في
التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي.. إن
هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الديني والدنيوي معًا يخوّله
أن يعتبر أعظم شخصية ذات تأثير في تاريخ البشرية". (العالم الأمريكي مايكل
هارث)
إبراهيم خليل أحمد
[ 1 ]
"هذه هي حقيقة يثبتها التاريخ: فبينما كان العالم الشرقي والعالم الغربي
بفلسفاتهما العقيمة يعيش في دياجير ظلام الفكر وفساد العبادة، بزغ من مكة
المكرمة في شخص محمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، نور وضاء أضاء على
العالم فهداه إلى الإسلام"(1).
[ 2 ]
"إن سيدنا عيسى عليه السلام يتنبأ عن الرسول الكريم محمد [صلى الله عليه
وسلم] بقوله: (وأما متى جاء ذاك: روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه
لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية)(2) .."(3).
[ 3 ]
"يقول برنابا: (سيأتي مسيا (أي الرسول) المرسل من الله لكل العالم،.. وحينئذ يسجد لله في كل العالم وتنال الرحمة..)(4) .."(5).
[ 4 ]
".. كلمة إنجيل كلمة يونانية تعني بشارة أو بشرى، ولعل هذا هو الذي
نستفيده من سيرة سيدنا عيسى عليه السلام، أنه كان بشرى من الله للرحمة،
وبشرى بتبشيره عن المسيا الذي سيأتي للعالمين هدى ورحمة، ألا وهو الرسول
الكريم سيدنا محمد [صلى الله عليه وسلم]"(6).
[ 5 ]
"يقول عيسى [عليه السلام] في إنجيل برنابا: (لأن الله سيصعِّدني من الأرض
وسيغير منظر الخائن حتى يظنه كل أحد إيّاي. ومع ذلك فإنه حين يموت شر ميتة
أمكث أنا في ذلك العار زمنًا طويلاً في العالم ولكن متى جاء محمد رسول
الله المقدس تزال عني هذه الوصمة)(7) .."(
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة].
آرنولد
[ 1 ]
".. لعله من المتوقع، بطبيعة الحال، أن تكون حياة مؤسس الإسلام ومنشئ
الدعوة الإسلامية [صلى الله عليه وسلم]، هي الصورة الحق لنشاط الدعوة إلى
هذا الدين. وإذا كانت حياة النبي [صلى الله عليه وسلم] هي مقياس سلوك عامة
المؤمنين، فإنها كذلك بالنسبة إلى سائر دعاة الإسلام. لذلك نرجو من دراسة
هذا المثل أن نعرف شيئًا عن الروح التي دفعت الذين عملوا على الاقتداء به،
وعن الوسائل التي ينتظر أن يتخذوها. ذلك أن روح الدعوة إلى الإسلام لم تجئ
في تاريخ الدعوة متأخرة بعد أناة وتفكر، وإنما هي قديمة قدم العقيدة
ذاتها. وفي هذا الوصف الموجز سنبين كيف حدث ذلك وكيف كان النبي محمد [صلى
الله عليه وسلم] يعد نموذجًا للداعي إلى الإسلام.."(1).
[ 2 ]
".. من الخطأ أن نفترض أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] في المدينة قد طرح
مهمة الداعي إلى الإسلام والمبلغ لتعاليمه، أو أنه عندما سيطر على جيش
كبير يأتمر بأمره، انقطع عن دعوة المشركين إلى اعتناق الدين.."(2).
[ 3 ]
".. إن المعاملة الحسنة التي تعودتها وفود العشائر المختلفة من النبي [صلى
الله عليه وسلم] واهتمامه بالنظر في شكاياتهم، والحكمة التي كان يصلح بها
ذات بينهم، والسياسة التي أوحت إليه بتخصيص قطع من الأرض مكافأة لكل من
بادر إلى الوقوف في جانب الإسلام وإظهار العطف على المسلمين، كل ذلك جعل
اسمه مألوفًا لديهم، كما جعل صيته ذائعًا في كافة أنحاء شبه الجزيرة سيدًا
عظيمًا ورجلاً كريمًا. وكثيرًا ما كان يفد أحد أفراد القبيلة على النبي
[صلى الله عليه وسلم] بالمدينة ثم يعود إلى قومه داعيًا إلى الإسلام جادًا
في تحويل إخوانه إليه.."(3).
واشنجتون إيرفنج
[ 1 ]
"كان محمد [صلى الله عليه وسلم] خاتم النبيين وأعظم الرسل الذين بعثهم الله ليدعوا الناس إلى عبادة الله"(1).
[ 2 ]
"كانت تصرفات الرسول [صلى الله عليه وسلم] في [أعقاب فتح] مكة تدل على أنه
نبي مرسل لا على أنه قائد مظفر. فقد أبدى رحمة وشفقة على مواطنيه برغم أنه
أصبح في مركز قوي. ولكنه توّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو"(2).
[ 3 ]
"لقي الرسول [صلى الله عليه وسلم] من أجل نشر الإسلام كثيرًا من العناء،
وبذل عدة تضحيات. فقد شك الكثير في صدق دعوته، وظل عدة سنوات دون أن ينال
نجاحًا كبيرًا، وتعرض خلال إبلاغ الوحي إلى الإهانات والاعتداءات
والاضطهادات، بل اضطر إلى أن يترك وطنه ويبحث عن مكان يهاجر إليه هنا
وهناك وتخلى عن كل متع الحياة وعن السعي وراء الثراء من أجل نشر
العقيدة"(3).
[ 4 ]
"برغم انتصارات الرسول [صلى الله عليه وسلم] العسكرية لم تثر هذه
الانتصارات كبرياءه أو غروره، فقد كان يحارب من أجل الإسلام لا من أجل
مصلحة شخصية، وحتى في أوج مجده حافظ الرسول [صلى الله عليه وسلم] على
بساطته وتواضعه، فكان يكره إذا دخل حجرة على جماعة أن يقوموا له أو
يبالغوا في الترحيب به وإن كان قد هدف إلى تكوين دولة عظيمة، فإنها كانت
دولة الإسلام، وقد حكم فيها بالعدل، ولم يفكر أن يجعل الحكم فيها وراثيًا
لأسرته"(4).
[ 5 ]
"كان الرسول [صلى الله عليه وسلم] ينفق ما يحصل من جزية أو ما يقع في يديه
من غنائم في سبيل انتصار الإسلام، وفي معاونة فقراء المسلمين، وكثيرًا ما
كان ينفق في سبيل ذلك آخر درهم في بيت المال.. وهو لم يخلف وراءه دينارًا
أو درهمًا أو رقيقًا.. وقد خيره الله بين مفاتيح كنوز الأرض في الدنيا
وبين الآخرة فاختار الآخرة"(5).
بارت(1)
[ 1 ]
"كان من بين ممثلي حركة التنوير من رأوا في النبي العربي [صلى الله عليه
وسلم] أدلة الله، ومشرعًا حكيمًا، ورسولاً للفضيلة، وناطقًا بكلمة الدين
الطبيعي الفطري، مبشرًا به"(2).
[ 2 ]
"كان العرب يعيشون منذ قرون طويلة في بوادي وواحات شبه الجزيرة، يعيثون
فيها فسادًا. حتى أتى محمد [صلى الله عليه وسلم] ودعاهم إلى الإيمان بإله
واحد، خالق بارئ، وجمعهم في كيان واحد متجانس"(3).
.
بروي(1)
[ 1 ]
"جاء محمد بن عبد الله [صلى الله عليه وسلم]، النبي العربي وخاتمة
النبيين، يبشر العرب والناس أجمعين، بدين جديد، ويدعو للقول بالله الواحد
الأحد، كانت الشريعة [في دعوته] لا تختلف عن العقيدة أو الإيمان، وتتمتع
مثلها بسلطة إلهية ملزمة، تضبط ليس الأمور الدينية فحسب، بل أيضًا الأمور
الدنيوية، فتفرض على المسلم الزكاة، والجهاد ضد المشركين.. ونشر الدين
الحنيف.. وعندما قبض النبي العربي [صلى الله عليه وسلم]، عام 632م، كان قد
انتهى من دعوته، كما انتهى من وضع نظام اجتماعي يسمو كثيرًا فوق النظام
القبلي الذي كان عليه العرب قبل الإسلام، وصهرهم في وحدة قوية، وهكذا تم
للجزيرة العربية وحدة دينية متماسكة، لم تعرف مثلها من قبل.."(2).
بلاشير
[ 1 ]
".. إن معجزة النبي [عليه الصلاة والسلام] الحقيقية والوحيدة هي إبلاغه
الناس رسالة ذات روعة أدبية لا مثيل لها، فمن هو ذلك الرجل المكلّف
بالمهام الثقيلة العبء وهي حمل النور إلى عرب الحجاز في أوائل القرن
السابع ؟ إن محمدًا [عليه الصلاة والسلام] لا يبدو في القرآن إطلاقًا،
منعمًا عليه بمواهب تنزهه عن الصفات الإنسانية، فهو لا يستطيع في نظر
معاصريه المشركين أن يفخر بالاستغناء عن حاجات هي حاجاتهم، وهو يصرّح بفخر
أنه لم يكن سوى مخلوق فان: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}
[الكهف 110]. وهو لم يتلق أي قدرة على صنع المعجزات، ولكنه انتخب ليكون
منذرًا ومبشرًا للكافرين. إن نجاح رسالته مرتبط إذن في قيمتها الإحيائية
وإلى شكلها المنقطع النظير. ولم يكن محمد [عليه الصلاة والسلام] رغم ذلك،
صاحب بيان ولا شاعرًا، فإن الأخبار التي روت سيرته لم تحسن الاحتفاظ بذكرى
مفاخراته الشخصية، وثمة عوامل تحملنا على الشك فيما إذا كان عرف استعمال
السجع، أو أنه تلقى من السماء فنّ ارتجال الشعر. وعندما قال عنه المكّيّون
المشركون أنه شاعر، أو حين عرّضوا بأن مصدر الوحي جنّي معروف أزال الله
عنه هذه التهمة: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ
هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ، لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا
وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس 69–70]. وهكذا يطرح هذا
الوحي البالغ جماله حد الإعجاز، الواثق بحمل الناس بقوة بيانه على
الهداية، كظاهرة لا علاقة لها بالفصاحة ولا الشعر"(1).
[ 2 ]
".. أما عن انتصار الإسلام فثمَّة أسباب تداخلت وفي طليعتها القرآن والسنة
وحالة الحجاز الدينية، ونصح وبيان وأمانة الرجل المرسل لإبلاغ الرسالة
المنزلة عليه.."(2).
مارسيل بوازار
[ 1 ]
"سبق أن كتب كل شيء عن نبي الإسلام [صلى الله عليه وسلم]، فأنوار التاريخ
تسطع على حياته التي نعرفها في أدق تفاصيلها. والصورة التي خلفها محمد
[صلى الله عليه وسلم] عن نفسه تبدو، حتى وإن عمد إلى تشويهها، علمية في
الحدود التي تكشف فيها وهي تندمج في ظاهرة الإسلام عن مظهر من مظاهر
المفهوم الديني وتتيح إدراك عظمته الحقيقية.."(1).
[ 2 ]
"لم يكن محمد [صلى الله عليه وسلم] على الصعيد التاريخي مبشرًا بدين وحسب
بل كان كذلك مؤسس سياسة غيّرت مجرى التاريخ، وأثرت في تطور انتشار الإسلام
فيما بعد على أوسع نطاق.."(2).
[ 3 ]
"منذ استقر النبي محمد [صلى الله عليه وسلم] في المدينة، غدت حياته جزءًا
لا ينفصل من التاريخ الإسلامي. فقد نقلت إلينا أفعاله وتصرفاته في أدق
تفاصيلها.. ولما كان منظمًا شديد الحيوية، فقد أثبت نضالية في الدفاع عن
المجتمع الإسلامي الجنيني، وفي بث الدعوة.. وبالرغم من قتاليته ومنافحته،
فقد كان يعفو عند المقدرة، لكنه لم يكن يلين أو يتسامح مع أعداء الدين.
ويبدو أن مزايا النبي الثلاث، الورع والقتالية والعفو عند المقدرة قد طبعت
المجتمع الإسلامي في إبان قيامه وجسّدت المناخ الروحي للإسلام.. وكما يظهر
التاريخ الرسول [صلى الله عليه وسلم] قائدًا عظيم ملء قلبه الرأفة، يصوره
كذلك رجل دولة صريحًا قوي الشكيمة له سياسته الحكيمة التي تتعامل مع
الجميع على قدم المساواة وتعطي كل صاحب حق حقه. ولقد استطاع بدبلوماسيته
ونزاهته أن ينتزع الاعتراف بالجماعة الإسلامية عن طريق المعاهدات في الوقت
الذي كان النصر العسكري قد بدأ يحالفه. وإذا تذكرنا أخيرًا على الصعيد
النفساني هشاشة السلطان الذي كان يتمتع به زعيم من زعماء العرب، والفضائل
التي كان أفراد المجتمع يطالبونه بالتحلي بها، استطعنا أن نستخلص أنه
لابدّ أن يكون محمد [صلى الله عليه وسلم] الذي عرف كيف ينتزع رضا أوسع
الجماهير به إنسانًا فوق مستوى البشر حقًا، وأنه لابد أن يكون نبيًا
حقيقيًا من أنبياء الله"(3).
[ 4 ]
".. لقد كان محمد [صلى الله عليه وسلم] نبيًا لا مصلحًا اجتماعيًا. وأحدثت
رسالته في المجتمع العربي القائم آنذاك تغييرات أساسية ما تزال آثارها
ماثلة في المجتمع الإسلامي المعاصر.."(4).
[ 5 ]
".. مما لا ريب فيه أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] قد اعتبر، بل كان في
الواقع، ثائرًا في النطاق الذي كان فيه كل نبي ثائرًا بوصفه نبيًا، أي
بمحاولته تغيير المحيط الذي يعيش فيه.."(5).
توينبي(1)
[ 1 ]
"لقد كرّس محمد [صلى الله عليه وسلم] حياته لتحقيق رسالته في كفالة هذين
المظهرين في البيئة الاجتماعية العربية [وهما الوحدانية في الفكرة
الدينية، والقانون والنظام في الحكم]. وتم ذلك فعلاً بفضل نظام الإسلام
الشامل الذي ضم بين ظهرانيه الوحدانية والسلطة التنفيذية معًا.. فغدت
للإسلام بفضل ذلك قوة دافعة جبارة لم تقتصر على كفالة احتياجات العرب
ونقلهم من أمة جهالة إلى أمة متحضرة، بل تدفق الإسلام من حدود شبه
الجزيرة، واستولى على العالم السوري بأسره من سواحل الأطالسي إلى شواطئ
السهب الأوراسي.."(2).
[ 2 ]
".. لقد أخذت سيرة الرسول العربي [صلى الله عليه وسلم] بألباب أتباعه،
وسمت شخصيته لديهم إلى أعلى علّيين، فآمنوا برسالته إيمانًا جعلهم يتقبلون
ما أوحي به إليه وأفعاله كما سجّلتها السنة، مصدرًا للقانون، لا يقتصر على
تنظيم حياة الجماعة الإسلامية وحدها، بل يرتب كذلك علاقات المسلمين
الفاتحين برعاياهم غير المسلمين الذين كانوا في بداية الأمر يفوقونهم
عددًا"(3).
فيليب حتي
[ 1 ]
"إن اللغة العربية هي لغة القرآن التي كانت الأساس الذي قامت عليه أمة
جديدة أخرجت للناس، أمة جاءت بها بعثة محمد [صلى الله عليه وسلم] من قبائل
متنافرة متنازعة لم يقدّر لها من قبل أن تجتمع على رأي واحد. وهكذا استطاع
رسول الإسلام [صلى الله عليه وسلم] أن يضيف حدًا جديدًا (رابعًا) إلى
المأثرة الحضارية ذات الحدود الثلاثة من الدين والدولة والثقافة، ذلك الحد
الرابع الجديد كان (إيجاد أمة ذات لغة فوق اللغات).."(1).
[ 2 ]
"إن إقامة الأخوة في الإسلام مكان العصبية الجاهلية (القائمة على الدم
والقرابة) للبناء الاجتماعي كان في الحقيقة عملاً جريئًا جديدًا قام به
النبي العربي [صلى الله عليه وسلم].."(2).
[ 3 ]
"في الكتاب المعاصرين لنا نفرٌ يحاولون أن يكتشفوا الأعمال الباهرة (التي
حققها محمد صلى الله عليه وسلم) أو أن يعالجوا حياته الزوجية على أساس من
التحليل النفسي، فلا يزيدون على أن يضيفوا إلى أوجه التحامل وإلى الآراء
الهوائية أحكامًا من زيف العلم.."(3).
[ 4 ]
"صفات محمد [صلى الله عليه وسلم] مثبتة في القرآن بدقة بالغة فوق ما نجد
في كل مصدر آخر. إن المعارك التي خاضها والأحكام التي أبرمها والأعمال
التي قام بها لا تترك مجالاً للريب في الشخصية القوية والإيمان الوطيد
والإخلاص البالغ وغير ذلك من الصفات التي خلقت الرجال القادة في التاريخ.
ومع أنه كان في دور من أدوار حياته يتيمًا فقيرًا، فقد كان في قلبه دائمًا
سعة لمؤاساة المحرومين في الحياة"(4).
[ 5 ]
"إذا نحن نظرنا إلى محمد [صلى الله عليه وسلم] من خلال الأعمال التي
حققها، فإن محمدًا الرجل والمعلم والخطيب ورجل الدولة والمجاهد يبدو لنا
بكل وضوح واحدًا من أقدر الرجال في جميع أحقاب التاريخ. لقد نشر دينًا هو
الإسلام، وأسس دولة هي الخلافة، ووضع أساس حضارة هي الحضارة العربية
الإسلامية، وأقام أمة هي الأمة العربية. وهو لا يزال إلى اليوم قوة حية
فعالة في حياة الملايين من البشر"(5).
جورج حنا
[ 1 ]
".. كان محمد [صلى الله عليه وسلم] يخرج من سويعات [لقائه مع جبريل عليه
السلام] بآيات تنطق بالحكمة، داعيًا قومه إلى الرجوع عن غيّهم، والإيمان
بالإله الواحد الكليّ القدرة، صابًا النقمة على الآلهة الصنمية، التي كان
القوم يعبدونها فكان طبيعيًا أن يحقد عليه أشراف العرب ويضمروا له الشر،
لما كان في دعوته من خطر على زعامتهم، وهي ما كانت قائمة إلا على التعبد
للأصنام التي جاء هذا الرجل يدعو إلى تحطيمها. لكن محمدًا [صلى الله عليه
وسلم] لم يكن يهادن في بث دعوته، ولم يكن يسكت عن اضطهاد أشراف قريش له،
بل كان يتحداهم، فيزدادون حقدًا عليه وتآمرًا على حياته. فلم تلبث دعوته
حتى تحولت من دعوة سلمية إلى دعوة نضالية. إنه لم يرض بأن يحوّل خدّه
الأيسر لمن يضربه على خدّه الأيمن.. بل مشى في طريقه غير هيّاب، في يده
الواحدة رسالة هداية، يهدي بها من سالموه، وفي يده الثانية سيف يحارب به
من يحاربوه. لقد آمن به نفر قليل في بداية الدعوة، وكان نصيب هذا النفر
مثل نصيبه من الاضطهاد والتكفير.. كان هؤلاء باكورة الديانة الإسلامية،
والشعلة التي انطلقت منها رسالة محمد [صلى الله عليه وسلم]"(1).
[ 2 ]
"كان محمد [صلى الله عليه وسلم] في المدينة أكثر اطمئنانًا على نفسه وعلى
أتباعه ورسالته مما كان في مكة.. كانت يثرب مدينة العامة التابعة، لا
مدينة الخاصة المتبوعة. والعامة دائمًا أقرب إلى اقتباس كلمة الحق من
الخاصة، لا سيما إذا كانت كلمة الحق هذه، تحررها من عبوديتها للخاصة"(2).
[ 3 ]
"محمد بن عبد الله [صلى الله عليه وسلم] كان ثائرًا، عندما أبى أن يماشي
أهل الصحراء في عبادة الأصنام وفي عاداتهم الهمجية وفي مجتمعهم البربري.
فأضرمها حربًا لا هوادة فيها على جاهلية المشركين وأسيادهم وآلهتهم. فكفره
قومه واضطهدوه وأضمروا له الموت. فهاجر تحت جنح الليل مع نفر من أتباعه،
وما تخلى عن النضال في نشر دعوته، وما أحجم عن تجريد السيف من أجلها.
فأخرج من جاهلية الصحراء عقيدة دينية واجتماعية تجمع بين مئات الملايين من
البشر في أقطار المعمورة"(3).
أميل درمنغم
[ 1 ]
".. إذا كانت كل نفس بشرية تنطوي على عبرة وإذا كان كل موجود يشتمل على
عظة فما أعظم ما تثيره فينا من الأثر الخاص العميق المحرك الخصيب حياة رجل
يؤمن برسالته فريق كبير من بني الإنسان!"(1).
[ 2 ]
".. ولد لمحمد [صلى الله عليه وسلم]، من مارية القبطية] ابنه إبراهيم فمات
طفلاً، فحزن عليه كثيرًا ولحده بيده وبكاه، ووافق موته كسوف الشمس فقال
المسلمون: إنها انكسفت لموته، ولكن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان من
سموّ النفس ما رأى به ردّ ذلك فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله
لا يخسفان لموت أحد..) فقول مثل هذا مما لا يصدر عن كاذب دجال.."(2).
[ 3 ]
".. تجلت بهذه الرحلة الباهرة [حجة الوداع] ما وصلت إليه من العظمة
والسؤدد رسالة ذلك النبي الذي أنهكه اضطهاد عشر سنين وحروب عشر سنين أخرى
بلا انقطاع، وهو النبي الذي جعل من مختلف القبائل المتقاتلة على الدوام
أمة واحدة.."(3).
[ 4 ]
"[إن] محمدًا [صلى الله عليه وسلم] الذي خلق القيادة لم يطلب معاصريه بغير
ما يفرض عليهم من الطاعة لرجل يبلّغهم رسالات الله، فهو بذلك واسطة بين
الله رب العالمين والناس أجمعين.. وكان ينهى عن عدّه ملكًا.. ولقد نال
السلطان والثراء والمجد، ولكنه لم يغتر بشيء من هذا كله فكان يفضل إسلام
رجل على أعظم الغنائم، ومما كان يمضه عجز كثير من الناس عن إدراك كنه
رسالته.."(4).
[ 5 ]
".. الحق أن النبي [صلى الله عليه وسلم] لم يعرف الراحة ولا السكون بعد أن
أوحي إليه في غار حراء، فقضى حياة يعجب الإنسان بها، والحق أن عشرين سنة
كفت لإعداد ما يقلب الدنيا، فقد نبتت في رمال الحجاز الجديبة حبة سوف
تجدد، عما قليل، بلاد العرب وتمتد أغصانها إلى بلاد الهند والمحيط
الأطلنطي. وليس لدينا ما نعرف به أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] أبصر،
حين أفاض من جبل عرفات، مستقبل أمته وانتشار دينه، وأنه أحسّ ببصيرته أن
العرب الذين ألّف بينهم سيخرجون من جزيرتهم لفتح بلاد فارس والشام
وأفريقية وإسبانية"(5).
دُرّاني(1)
[ 1 ]
"أستطيع أن أقول بكل قوة أنه لا يوجد مسلم جديد واحد لا يحمل في نفسه
العرفان بالجميل لسيدنا محمد [صلى الله عليه وسلم] لما غمره به من حب وعون
وهداية وإلهام فهو القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا وحبًا بنا حتى
نقتفي أثره"(2).
[ 2 ]
".. وأخيراً أخذت أدرس حياة النبي محمد [صلى الله عليه وسلم] فأيقنت أن من
أعظم الآثام أن نتنكر لذلك الرجل الرباني الذي أقام مملكة لله بين أقوام
كانوا من قبل متحاربين لا يحكمهم قانون، يعبدون الوثن، ويقترفون كل
الأفعال المشينة، فغير طرق تفكيرهم، لا بل بدل عاداتهم وأخلاقهم، وجمعهم
تحت راية واحدة وقانون واحد ودين واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة وحكومة
واحدة، وأصبحت تلك الأمة، التي لم تنجب رجلاً عظيمًا واحدًا يستحق الذكر
منذ عدة قرون، أصبحت تحت تأثيره وهديه تنجب ألوفًا من النفوس الكريمة التي
انطلقت إلى أقصى أرجاء المعمورة تدعو إلى مبادئ الإسلام وأخلاقه ونظام
الحياة الإسلامية وتعلم الناس أمور الدين الجديد"(3).
[ 3 ]
".. تحمل [صلى الله عليه وسلم] ثلاثة عشر عامًا كاملةً من المتاعب [في
مكة] دون انقطاع، وثمانية سنوات [في المدينة] دون توقف، فتحمل ذلك كله،
فلم يتزحزح شعرة عن موقفه، وكان صامدًا، رابط الجأش، صلبًا في أهدافه
وموقفه. عرضت عليه أمته أن تنصبه ملكًا عليها وأن تضع عند قدميه كل ثروات
البلاد إذا كف عن الدعوة إلى دينه ونشر رسالته. فرفض هذه الإغراءات كلها
فاختار بدلاً من ذلك أن يعاني من أجل دعوته. لماذا؟ لماذا لم يكترث أبدًا
للثروات والجاه والملك والمجد والراحة والدعة والرخاء ؟ لابدّ أن يفكر
المرء في ذلك بعمق شديد إذا أراد أن يصل إلى جواب عليه"(4).
[ 4 ]
"هل بوسع المرء أن يتصور مثالاً للتضحية بالنفس وحب الغير والرأفة
بالآخرين أسمى من هذا المثال حيث نجد رجلاً يقضي على سعادته الشخصية لصالح
الآخرين، بينما يقوم هؤلاء القوم أنفسهم الذين يعمل على تحسين أحوالهم
ويبذل أقصى جهده في سبيل ذلك يقومون برميه بالحجارة والإساءة إليه ونفيه
وعدم إتاحة الفرصة له للحياة الهادئة حتى في منفاه، وأنه رغم كل ذلك يرفض
أن يكف عن السعي لخيرهم؟ هل يمكن لأحد أن يتحمل كل هذا العناء والألم من
أجل دعوة السعي لخيرهم؟ هل يمكن لأحد أن يتحمل كل هذا العناء والألم من
أجل دعوة مزيفة؟ هل يستطيع أي مدخول غير مخلص.. أن يبدي هذا الثبات
والتصميم على مبدئه والتمسك به حتى آخر رمق دون أدنى وجل أو تعثر أمام
الأخطار وصنوف التعذيب التي يمكن تصورها وقد قامت عليه البلاد بأكملها
وحملت السلاح ضده؟"(5).
[ 5 ]
"إن هذا الإيمان وهذا السعي الحثيث وهذا التصميم والعزم الذي قاد به محمد
[صلى الله عليه وسلم] حركته حتى النصر النهائي، إنما هو برهان بليغ على
صدقه المطلق في دعوته. إذ لو كانت في نفسه أدنى لمسة من شك أو اضطراب لما
استطاع أبدًا أن يصمد أمام العاصفة التي استمرّ أوارها أكثر من عشرين
عامًا كاملة. هل بعد هذا من برهان على صدق كامل في الهدف واستقامة في
الخلق وسموّ في النفس كل هذه العوامل تؤدي لا محالة إلى الاستنتاج الذي لا
مفر منه وهو أن هذا الرجل هو رسول الله حقًا. هذا هو نبينا محمد [صلى الله
عليه وسلم] إذ كان آية في صفاته النادرة ونموذجًا كاملاً للفضيلة والخير،
ورمزًا للصدق والإخلاص.. [إن] حياته وأفكاره وصدقه واستقامته، وتقواه
وجوده، وعقيدته ومنجزاته، كل أولئك براهين فريدة على نبوته. فأي إنسان
يدرس دون تحيّز حياته ورسالته سوف يشهد أنه حقًا رسول من عند الله، وأن
القرآن الذي جاء به للناس هو كتاب الله حقًا. وكل مفكر منصف جاد يبحث عن
الحقيقة لابدّ أن يصل إلى هذا الحكم"(6).
سانتيلانا(1)
[ 1 ]
"ما كان من محمد [صلى الله عليه وسلم] إلا أن تناول المجتمع العربي هدمًا
من أصوله وجذوره وشاد صرحًا اجتماعيًا جديدًا.. هذا العمل الباهر لم تخطئه
عين (ابن خلدون) النفاذة الثاقبة. إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] هدم شكل
القبيلة والأسرة المعروفين آنذاك، ومحا منه الشخصية الفردية Gentes
والموالاة والجماعات المتحالفة. من يعتنق دين الإسلام عليه أن ينشئ روابطه
كلها ومنها رابطة قرباه وأسرته، إلا إذا كانوا يعتنقون دينه (إخوته في
الإيمان). فما داموا هم على دينهم القديم فإنه يقول لهم كما قال إبراهيم
[عليه السلام] لأهله: (لقد تقطعت بيننا الأسباب.."(2).
[ 2 ]
"كان محمد [صلى الله عليه وسلم] رسول الله إلى الشعوب الأخرى، كما كان رسول الله إلى العرب"(3).
هنري دي فاستري
[ 1 ]
"إن أشد ما نتطلع إليه بالنظر على الديانة الإسلامية ما اختص منها بشخص
النبي [صلى الله عليه وسلم] ولذلك قصدت أن يكون بحثي أولاً في تحقيق
شخصيته وتقرير حقيقته الأدبية علّني أجد في هذا البحث دليلاً جديدًا على
صدقه وأمانته المتفق تقريبًا عليها بين جميع مؤرخي الديانات وأكبر
المتشيعين للدين المسيحي"(1).
[ 2 ]
"ثبت إذن أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لم يقرأ كتابًا مقدسًا ولم يسترشد في دينه بمذهب متقدم عليه.."(2).
[ 3 ]
".. ولقد نعلم أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] مرّ بمتاعب كثيرة وقاسى
آلامًا نفسية كبرى قبل أن يخبر برسالته، فقد خلقه الله ذا نفس تمحّضت
للدين ومن أجل ذلك احتاج إلى العزلة عن الناس لكي يهرب من عبادة الأوثان
ومذهب تعدد الآلهة الذي ابتدعه المسيحيون وكان بغضهما متمكنًا من قلبه
وكان وجود هذين المذهبين أشبه بإبرة في جسمه [صلى الله عليه وسلم] ولعمري
فيم كان يفكر ذلك الرجل الذي بلغ الأربعين وهو في ريعان الذكاء ومن أولئك
الشرقيين الذين امتازوا في العقل بحدة التخيّل وقوة الإدراك.. إلا أن يقول
مرارًا ويعيد تكرارًا هذه الكلمات (الله أحد الله أحد). كلمات رددها
المسلمون أجمعون من بعده وغاب عنا معشر المسيحيين مغزاها لبعدنا عن فكرة
التوحيد.."(3).
[ 4 ]
".. لو رجعنا إلى ما وضحه الحكماء عن النبوة ولم يقبل المتكلمون من
المسيحيين لأمكننا الوقوف على حالة مشيد دعائم الإسلام وجزمنا بأنه لم يكن
من المبتدعين.. ومن الصعب أن تقف على حقيقة سماعه لصوت جبريل [عليه
السلام].. إلا أن معرفة هذه الحقيقة لا تغير موضوع المسألة لأن الصدق حاصل
في كل حال"(4).
[ 5 ]
"لا يمكن أن ننكر على محمد [صلى الله عليه وسلم] في الدور الأول من حياته
كمال إيمانه وإخلاص صدقه، فأما الإيمان فلن يتزعزع مثقال ذرة من قلبه في
الدور الثاني [الدور المدني] وما أُوتيه من نصر كان من شأنه أن يقويه على
الإيمان لولا أن الاعتقاد كله قد بلغ منه مبلغًا لا محل للزيادة فيه.. وما
كان يميل إلى الزخارف ولم يكن شحيحًا.. وكان قنوعًا خرج من [الدنيا] ولم
يشبع من خبز الشعير مرة في حياته.. تجرد من الطمع وتمكن من نوال المقام
الأعلى في بلاد العرب ولكنه لم يجنح إلى الاستبداد فيها، فلم يكن له حاشية
ولم يتخذ وزيرًا ولا حشما، وقد احتقر المال.."(5).
اينين دينيه
[ 1 ]
"إن الشخصية التي حملها محمد [صلى الله عليه وسلم] بين برديه كانت خارقة
للعادة وكانت ذات أثر عظيم جدًا حتى إنها طبعت شريعته بطابع قوي جعل لها
روح الإبداع وأعطاها صفة الشيء الجديد.."(1).
[ 2 ]
"إن نبي الإسلام هو الوحيد من بين أصحاب الديانات الذي لم يعتمد في إتمام
رسالته على المعجزات وليست عمدته الكبرى إلا بلاغة التنزيل الحكيم.."(2).
[ 3 ]
".. إن سنة الرسول الغرّاء [صلى الله عليه وسلم] باقية إلى يومنا هذا،
يجلوها أعظم إخلاص ديني تفيض به نفوس [مئات الملايين] من أتباع سنته
منتشرين على سطح الكرة(3).
[ 4 ]
"كان النبي [صلى الله عليه وسلم] يعنى بنفسه عناية تامة، إلى حد أن عرف له
نمط من التأنق على غاية من البساطة، ولكن على جانب كبير من الذوق والجمال،
وكان ينظر نفسه في المرآة.. ليتمشط أو ليسوي طيات عمامته.. وهو في كل ذلك
يريد من حسن منظره البشري أن يروق الخالق سبحانه وتعالى.."(4).
[ 5 ]
"لقد (دعا) عيسى [عليه السلام] إلى المساواة والأخوة، أما محمد [صلى الله
عليه وسلم] فوفق إلى (تحقيق) المساواة والأخوة بين المؤمنين أثناء
حياته"(5).
ول ديورانت
[ 1 ]
".. يبدو أن أحدًا لم يعن بتعليم [محمد صلى الله عليه وسلم] القراءة
والكتابة.. ولم يعرف عنه أنه كتب شيئًا بنفسه.. ولكن هذا لم يحل بينه وبين
قدرته على تعرف شؤون الناس تعرفًا قلّما يصل إليه أرقى الناس تعليمًا"(1).
[ 2 ]
"كان النبي [صلى الله عليه وسلم] من مهرة القواد.. ولكنه كان إلى هذا سياسيًا محنكًا، يعرف كيف يواصل الحرب بطريق السلم"(2).
[ 3 ]
"إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدًا
[صلى الله عليه وسلم] كان من أعظم عظماء التاريخ، فلقد أخذ على نفسه أن
يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو
وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحًا لم يدانه فيه أي مصلح
آخر في التاريخ كله، وقلّ أن نجد إنسانًا غيره حقق ما كان يحلم به.. ولم
يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين وكفى، بل لأنه لم يكن ثمة
قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه..
وكانت بلاد العربي لما بدأ الدعوة صحراء جدباء، تسكنها قبائل من عبدة
الأوثان قليل عددها، متفرقة كلمتها، وكانت عند وفاته أمة موحدة متماسكة.
وقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية، ودين بلاده
القديم، دينًا سهلاً واضحًا قويًا، وصرحًا خلقيًا وقوامه البسالة والعزة
القومية. واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة، وفي قرن واحد أن
ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف
العالم"(3).
[ 4 ]
".. لسنا نجد في التاريخ كله مصلحًا فرض على الأغنياء من الضرائب ما فرضه عليهم محمد [صلى الله عليه وسلم] لإعانة الفقراء.."(4).
[ 5 ]
"تدل الأحاديث النبوية على أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يحث على طلب
العلم ويعجب به، فهو من هذه الناحية يختلف عن معظم المصلحين
الدينيين.."(5).
رودنسن(1)
".. [بظهور عدد من المؤرخين الأوروبيين المستنيرين في القرن الثامن عشر]
بدأت تتكامل معالم صورة هي صورة محمد [صلى الله عليه وسلم] الحاكم
المتسامح والحكيم والمشرع"(2).
فرانز روزنثال
[ 1 ]
"إن أفكار الرسول [صلى الله عليه وسلم] التي تلقاها وحيًا أو التي أدى
إليها اجتهاده نشّطت دراسة التاريخ نشاطًا لا مزيد عليه، فقد أصبحت أعمال
الأفراد وأحداث الماضي وحوادث كافة شعوب الأرض أمورًا ذات أهمية دينية،
كما أن شخصية الرسول [صلى الله عليه وسلم] كانت خطًا فاصلاً واضحًا في كل
مجرى التاريخ، ولم يتخط علم التاريخ الإسلامي هذا الخط قط.."(1).
[ 2 ]
"تبقى حقيقة، هي أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] نفسه وضع البذور التي
نجني منها اهتمامًا واسعًا بالتاريخ.. لقد كان التاريخ يملأ تفكير الرسول
[صلى الله عليه وسلم] لدرجة كبيرة، وقد ساعد عمله من حيث العموم في تقديم
نمو التاريخ الإسلامي في المستقبل، رغم أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] لم
يتنبأ بالنمو الهائل للمعرفة والعلم الذي سيتم باسم دينه"(2).
جاك ريسلر
[ 1 ]
"القرآن يكمله الحديث الذي يعد سلسلة من الأقوال تتعلق بأعمال النبي [صلى
الله عليه وسلم] وإرشاداته. وفي الحديث يجد المرء ما كان يدور بخلد النبي
[صلى الله عليه وسلم]، العنصر الأساسي من سلوكه أمام الحقائق المتغيرة في
الحياة، هذه الأقوال ، أو هذه الأحاديث التي يشكل مجموعها السنة دونت مما
روي عن الصحابة [رضي الله عنهم] أو نقل عنهم مع التمحيص الشديد في
اختيارها وهكذا جمع عدد كبير من الأحاديث.. والسنة هي المبينة للقرآن التي
لا غنى عنها للقرآن.."(1).
[ 2 ]
".. كان لزامًا على محمد [صلى الله عليه وسلم] أن يبرز في أقصر وقت ممكن
تفوّق الشعب العربي عندما أنعم الله عليه بدين سام في بساطته ووضوحه،
وكذلك بمذهبه الصارم في التوحيد في مواجهة التردد الدائم للعقائد الدينية.
وإذا ما عرفنا أن هذا العمل العظيم أدرك وحقق في أقصر أجل أعظم أمل لحياة
إنسانية فإنه يجب أن نعترف أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] يظل في عداد
أعظم الرجال الذين شرف بهم تاريخ الشعوب والأديان"(2).
جورج سارتون
[ 1 ]
"صدع الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالدعوة نحو عام 610م وعمره يوم ذاك
أربعون سنة، وكان مثل إخوانه الأنبياء السابقين [عليهم السلام] ولكن كان
أفضل منهم بما لا نسبة فيه.. وكان زاهدًا وفقيهًا ومشرعًا ورجلاً
عمليًا.."(1).
[ 2 ]
"إنه لم يتح لنبي من قبل.. أن ينتصر انتصارًا تامًا كانتصار محمد [صلى الله عليه وسلم].."(2).
[ 3 ]
".. لم يكن محمد [صلى الله عليه وسلم] نبي الإسلام فحسب، بل نبي اللغة
العربية والثقافة العربية، على اختلاف أجناس المتكلمين بها وأديانهم"(3).
نصري سلهب
[ 1 ]
"في مكة . . أبصر النور طفل لم يمرّ ببال أمة، ساعة ولادته، أنه سيكون
أحمد أعظم الرجال في العالم بل في التاريخ، ولربما أعظمهم إطلاقًا.."(1).
[ 2 ]
"هنا عظمة محمد [صلى الله عليه وسلم]. لقد استطاع، خلال تلك الحقبة
القصيرة من الزمن، أن يحدث شريعة خلقية وروحية واجتماعية لم يستطعها أحد
في التاريخ بمثل تلك السرعة المذهلة"(2).
[ 3 ]
".. هذا الرجل الذي ما عرف الهدوء ولا الراحة ولا الاستقرار، استطاع وسط
ذلك الخضم الهائج، أن يرسي قواعد دولة، وأن يشرّع قوانين ويسنّ أنظمة،
ويجود بالتفسير والاجتهادات.. ولم ينس أنه أب وجد لأولاد وأحفاد، فلم
يحرمهم عطفه وحنانه، فكان بشخصيته الفذة الغنية بالقيم والمعطيات
والمؤهلات، المتعددة الأبعاد والجوانب، الفريدة بما أسبغ الله عليها من
نعم وصفات، وبما حباها من إمكانات، كان بذلك كله، عالمًا قائمًا بنفسه"(3).
[ 4 ]
"تراثك يا ابن عبد الله ينبغي أن يُحيا، لا في النفوس والقلوب فحسب، بل في
واقع الحياة، في ما يعاني البشر من أزمات وما يعترضهم من عقبات. تراثك
مدرسة يلقى على منابرها كل يوم عظة ودرس. كل سؤال له عندك جواب. كل مشكلة
مهما استعصت وتعقدت، نجد لها في آثارك حلاً"(4).
[ 5 ]
".. لم يكن النبي [صلى الله عليه وسلم] رسولاً وحسب، يهدي الناس إلى
الإيمان، إنما كان زعيمًا وقائد شعب، فعزم على أن يجعل من ذلك الشعب خير
أمة أخرجت للناس. وكان له ما أراد"(5).
أحمد سوسة
[ 1 ]
".. أي غاية أسمى وأقرب إلى الإنسانية ودين الله من تلكم الغاية التي كان
يرمي إليها الرسول [صلى الله عليه وسلم] في توحيد القلوب وإظهار الحقيقة ؟
لنتصور محمدًا [صلى الله عليه وسلم] وهو يملي على أهل الكتاب وحي الله
قائلاُ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ
بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ
اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}
[آل عمران 64].."(1).
[ 2 ]
".. إن نبي الإسلام شخصية تاريخية مبجلة. ما حياة الرسول [صلى الله عليه
وسلم] سوى سلسلة وقائع تاريخية عظيمة الشأن نبيلة المرمى يتجلى فيها مقامه
السامي من الحلقة الإنسانية.."(2).
[ 3 ]
".. كان محمد [صلى الله عليه وسلم] أنموذجًا للحياة الإنسانية بسيرته وصدق
إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة. بل مثالاً كاملاً للأمانة والاستقامة وإن
تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سموّ ذاته ونبل مقصده
وعظمة شخصيته وقدسية نبوته"(3).
"إن التاريخ ينبئنا أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] ضحى بكل شيء من أجل
رسالته إذ أتيحت له مرات فرصة الاختيار بين أمرين أولهما حياة راحة وهناء
وغنى على أن ينبذ [دعوته] وثانيهما حياة عسر واضطهاد مقرونة بنشر رسالته،
وقد فضل الأمر الثاني لأن إيمانه برسالته كان قويًا وكان قد أوحي إليه
بأنه قد اختاره ربه لبث هذه الرسالة على الإنسانية جمعاء فكان ما أراد
الله له"(4).
لويس سيديو
[ 1 ]
"لقد حلّ الوقت الذي توجه فيه الأنظار إلى تاريخ تلك الأمة التي كانت
مجهولة الأمر في زاوية من آسية فارتقت إلى أعلى مقام فطبق اسمها آفاق
الدنيا مدة سبعة قرون . ومصدر هذه المعجزة هو رجل واحد، هو محمد [صلى الله
عليه وسلم].."(1).
[ 2 ]
".. لم يعد محمد [صلى الله عليه وسلم] نفسه غير خاتم لأنبياء الله [عليهم
السلام] وهو قد أعلن أن عيسى بن مريم كان ذا موهبة في الاتيان بالمعجزات،
مع أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لم يعط مثل هذه الموهبة، وما أكثر ما
كان يعترض محتجًا على بعض ما يعزوه إليه أشد أتباعه حماسة من الأعمال
الخارقة للعادة!"(2).
[ 3 ]
".. إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] أثبت خلود الروح.. وهو مبدأ من أقوم
مبادئ الأخلاق. ومن مفاخر محمد [صلى الله عليه وسلم] أن أظهره قويًا أكثر
مما أظهره أي مشرّع آخر.."(3).
[ 4 ]
".. ما أكثر ما عرض محمد [صلى الله عليه وسلم] حياته للخطر انتصارًا
لدعوته في عهده الأول بمكة، وهو لم ينفك عن القتال في واقعة أحد حتى بعد
أن جرح جبينه وخده وسقطت ثنيتاه.. وهو قد أوجب النصر بصوته ومثاله في
معركة حنين، ومن الحق أن عرف العالم كيف يحيي قوة إرادته ومتانة خلقه..
وبساطته، ومن يجهل أنه لم يعدل، إلى آخر عمره، عما يفرضه فقر البادية على
سكانها من طراز حياة وشظف عيش؟ وهو لم ينتحل أوضاع الأمراء قط مع ما ناله
من غنى وجاه عريض.. وكان [صلى الله عليه وسلم] حليمًا معتدلاً، وكان يأتي
بالفقراء إلى بيته ليقاسمهم طعامه، وكان يستقبل بلطف ورفق جميع من يودّون
سؤاله، فيسحر كلماءه بما يعلو وجهه الرزين الزاهر من البشاشة، وكان لا يضج
من طول الحديث، وكان لا يتكلم إلا قليلاً فلا ينمّ ما يقول على كبرياء أو
استعلاء، وكان يوحي في كل مرة باحترام القوم له.. ودلّ [صلى الله عليه
وسلم] على أنه سياسي محنّك.."(4).
[ 5 ]
"بدت في بلاد العرب أيام محمد [صلى الله عليه وسلم] حركة غير مألوفة من
قبل، فقد خضعت لسلطان واحد قبائل العرب الغيرى على استقلالها والفخورة
بحياتها الفردية، وانضم بعض هذه القبائل إلى بعض فتألفت أمة واحدة"(5).
هنري سيروي
[ 1 ]
"ومحمد [صلى الله عليه وسلم] لم يغرس في نفوس الأعراب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيها أيضًا المدنية والأدب"(1).
[ 2 ]
"محمد [صلى الله عليه وسلم] شخصية تاريخية حقة، فلولاه ما استطاع الإسلام
أن يمتد ويزداد، ولم يتوان في ترديد أنه بشر مثل الآخرين مآله الموت،
وبأنه يطلب العفو والمغفرة من الله عز وجل. وقبل مماته أراد أن يظهر ضميره
من كل هفوة أتاها فوقف على المنبر مخاطبًا: أيها المسلمون، إذا كنت قد
ضربت أحدًا فهاكم ظهري ليأخذ ثأره، أو سلبته مالاً فمالي ملكه. فوقف رجل
معلنًا أنه يدينه بثلاثة دراهم، فردّ الرسول [صلى الله عليه وسلم] قائلاً:
أن يشعر الإنسان بالخجل في دنياه خيرٌ من آخرته. ودفع للرجل دينه في التو.
وهذا التذوق والإحساس البالغ لفهم محمد [صلى الله عليه وسلم] لدوره كنبي
يرينا بأن (رينان) كان على غير حق في نعته العرب قبل الإسلام بأنها أمة
كانت تحيا بين براثين الجهل والخرافات.."(2).
[ 3 ]
"إن المحاولة الإسلامية في التاريخ ذات أثر كبير، والعبقرية العربية تجد
في محمد [صلى الله عليه وسلم] منشئًا لحضارة التوحيد التي تعتبر ذات أهمية
كبيرة، إذا فكرنا في القيمة الفلسفية للتوحيد، وفي تفوقها الكبير الذي جعل
كل الشعوب الآرية تمارس أفكار تلكم الفلسفة. وهذه الثروة الروحية الغزيرة
في الأمة العربية، راجعة إلى الغريزة النبوية والتي تعد واضحة لدى الشعوب
السامية، فاليهود الذين يستطيعون الفخر بأنبيائهم الكبار، يقرون بأن روح
النبوة قد اختفت لديهم بعد هدم معبدهم الثاني، وهذا ما يفسر بمعنى أكيد
العداوة العنيفة والكثيرة التكرار في القرآن بالنسبة إليهم"(3).
[ 4 ]
".. إن الحضارة الفكرية الذهنية الحقيقية لم تظهر وتوجد – لدى العرب – إلا لدى وصول محمد [صلى الله عليه وسلم]"(4).
لورافيشيا فاغليري
[ 1 ]
".. كانت حملة كبيرة على سوريا.. رهن الإعداد، عندما أسكت الموت إلى الأبد
صوت النبي [صلى الله عليه وسلم] الذي كان قد أحدث هذه الهزة العميقة في
تلك القلوب كلها، والذي كان مقدرًا له أن يستهوي عما قريب شعوبًا أخرى
تقيم في مواطن أكثر إمعانًا في البعد. وكان في السنة الحادية عشرة من
الهجرة"(1).
[ 2 ]
"كان محمد [صلى الله عليه وسلم] المتمسك دائمًا بالمبادئ الإلهية شديد
التسامح، وبخاصة نحو أتباع الأديان الموحدة. لقد عرف كيف يتذرع بالصبر مع
الوثنيين، مصطنعًا الأناة دائمًا اعتقادًا منه بأن الزمن سوف يتم عمله
الهادف إلى هدايتهم وإخراجهم من الظلام إلى النور.. لقد عرف جيدًا أن الله
لابد أن يدخل آخر الأمر إلى القلب البشري"(2).
[ 3 ]
"حاول أقوى أعداء الإسلام، وقد أعماهم الحقد، أن يرموا نبي الله [صلى الله
عليه وسلم] ببعض التهم المفتراة. لقد نسوا أن محمدًا كان قبل أن يستهل
رسالته موضع الإجلال العظيم من مواطنيه بسبب أمانته وطهارة حياته. ومن عجب
أن هؤلاء الناس لا يجشمون أنفسهم عناء التساؤل كيف جاز أن يقوى محمد [صلى
الله عليه وسلم] على تهديد الكاذبين والمرائين، في بعض آيات القرآن
اللاسعة بنار الجحيم الأبدية، لو كان هو قبل ذلك [وحاشاه] رجلاً كاذبًا ؟
كيف جرؤ على التبشير، على الرغم من إهانات مواطنيه، إذا لم يكن ثمة قوى
داخلية تحثه، وهو الرجل ذو الفطرة البسيطة، حثًا موصولاً ؟ كيف استطاع أن
يستهل صراعًا كان يبدو يائسًا ؟ كيف وفق إلى أن يواصل هذا الصراع أكثر من
عشر سنوات، في مكة، في نجاح قليل جدًا ، وفي أحزان لا تحصى، إذا لم يكن
مؤمنًا إيمانًا عميقًا بصدق رسالته ؟ كيف جاز أن يؤمن به هذا العدد الكبير
من المسلمين النبلاء والأذكياء، وأن يؤازروه، ويدخلوا في الدين الجديد
ويشدوا أنفسهم بالتالي إلى مجتمع مؤلف في كثرته من الأرقاء، والعتقاء،
والفقراء المعدمين إذا لم يلمسوا في كلمته حرارة الصدق ؟ ولسنا في حاجة
إلى أن نقول أكثر من ذلك، فحتى بين الغربيين يكاد ينعقد الإجماع على أن
صدق محمد [صلى الله عليه وسلم] كان عميقًا وأكيدًا"(3).
[ 4 ]
"دعا الرسول العربي [صلى الله عليه وسلم] بصوت ملهم باتصال عميق بربه، دعا
عبدة الأوثان وأتباع نصرانية ويهودية محرّفتين على أصفى عقيدة توحيدية.
وارتضى أن يخوض صراعًا مكشوفًا مع بعض نزعات البشر الرجعية التي تقود
المرء إلى أن يشرك بالخالق آلهة أخرى.."(4).
[ 5 ]
".. إن [محمدًا صلى الله عليه وسلم] طوال سنين الشباب التي تكون فيها
الغريزة الجنسية أقوى ما تكون، وعلى الرغم من أنه عاش في مجتمع كمجتمع
العرب، حيث كان الزواج، كمؤسسة اجتماعية، مفقودًا أو يكاد، وحيث كان تعدد
الزوجات هو القاعدة، وحيث كان الطلاق سهلاً إلى أبعد الحدود، لم يتزوج إلا
من امرأة واحدة ليس غير، هي خديجة [رضي الله عنها] التي كانت سنّها أعلى
من سنّه بكثير، وأنه ظل طوال خمس وعشرين سنة زوجها المخلص المحب، ولم
يتزوج كرة ثانية، وأكثر من مرة، إلا بعد أن توفيت خديجة، وإلا بعد أن بلغ
الخمسين من عمره. لقد كان لكل زواج من زواجاته هذه سبب اجتماعي أو سياسي،
ذلك بأنه قصد من خلال النسوة اللاتي تزوجهن إلى تكريم النسوة المتصفات
بالتقوى، أو إلى إنشاء علاقات زوجية مع بعض العشائر والقبائل الأخرى
ابتغاء طريق جديد لانتشار الإسلام وباستثناء عائشة [رضي الله عنها]، ليس
غير، تزوج محمد [صلى الله عليه وسلم] من نسوة لم يكنّ لا عذارى، ولا
شابات، ولا جميلات، فهل كان ذلك شهوانية ؟ لقد كان رجلاً لا إلهًا. وقد
تكون الرغبة في الولد هي التي دفعته أيضًا إلى الزواج من جديد، لأن
الأولاد الذين أنجبتهم خديجة [رضي الله عنها] له كانوا قد ماتوا. ومن غير
أن تكون له موارد كثيرة أخذ على عاتقه النهوض بأعباء أسرة ضخمة، ولكنه
التزم دائمًا سبيل المساواة الكاملة نحوهن جميعًا، ولم يلجأ قط إلى اصطناع
حق التفاوت مع أي منهن. لقد تصرف متأسّيًا بسنة الأنبياء القدامى [عليهم
السلام]، مثل موسى وغيره، الذين لا يبدو أن أحدًا من الناس يعترض على
زواجهم المتعدد. فهل يكون مرد ذلك إلى أننا نجهل تفاصيل حياتهم اليومية،
على حين نعرف كل شيء عن حياة محمد [صلى الله عليه وسلم] العائلية؟"(5).
ليوبولد فايس
[ 1 ]
".. إن العمل بسنة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] هو عمل على حفظ كيان
الإسلام وعلى تقدمه، وإن ترك السنة هو انحلال الإسلام. لقد كانت السنة
الهيكل الحديدي الذي قام عليه صرح الإسلام، وأنك إذا أزلت هيكل بناء ما،
أفيدْهِشُك أن يتقوض ذلك البناء، كأنه بيت من ورق؟"(1).
[ 2 ]
".. إن السنة هي المثال الذي أقامه لنا الرسول [صلى الله عليه وسلم] من
أعماله وأقواله. إن حياته العجيبة كانت تمثيلاً حيًا وتفسيرًا لما جاء في
القرآن الكريم، ولا يمكننا أن ننصف القرآن الكريم بأكثر من أن نتبع الذي
قد بلّغ الوحي"(2).
[ 3 ]
".. إنه على الرغم من جميع الجهود التي بذلت في سبيل تحدي الحديث على أنه
نظام ما، فإن أولئك النقاد العصريين من الشرقيين والغربيين لم يستطيعوا أن
يدعموا انتقادهم العاطفي الخالص بنتائج من البحث العلمي. وأنه من الصعب أن
يفعل أحد ذلك، لأن الجامعين لكتب الحديث الأولى، وخصوصًا الإمامين البخاري
ومسلمًا قد قاموا بكل ما في طاقة البشر عند عرض صحة كل حديث على قواعد
التحديث عرضًا أشد كثيرًا من ذلك الذي يلجأ إليه المؤرخون الأوربيون عادة
عند النظر في مصادر التاريخ القديم"(3).
[ 4 ]
".. إن رفض الأحاديث الصحيحة، جملة واحدة أو أقسامًا، ليس حتى اليوم.. إلا
قضية ذوق، قضية قصرت عن أن تجعل من نفسها بحثًا علميًا خالصًا من
الأهواء.."(4).
[ 5 ]
".. إن العمل بالسنة [يجعل] كل شيء في حياتنا اليومية مبنيًا على الاقتداء
بما فعله الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهكذا نكون دائمًا، إذا فعلنا أو
تركنا ذلك، مجبرين على أن نفكر بأعمال الرسول وأقواله المماثلة لأعمالنا
هذه وعلى هذا تصبح شخصية أعظم رجل متغلغلة إلى حد بعيد في منهاج حياتنا
اليومية نفسه، ويكون نفوذه الروحي قد أصبح العامل الحقيقي الذي يعتادنا
طوال الحياة.."(5).
كارلايل(1)
[ 1 ]
".. هل رأيتم قط .. أن رجلاً كاذبًا يستطيع أن يوجد دينًا عجبًا.. إنه لا
يقدر أن يبني بيتًا من الطوب! فهو إذًا لم يكن عليمًا بخصائص الجير والجص
والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت وإنما هو تل من الأنقاض
وكثيب من أخلاط المواد، وليس جديرًا أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرنًا
يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم
يكن. وإني لأعلم أن على المرء أن يسير في جميع أموره طبق قوانين الطبيعة
وإلا أبت أن تجيب طلبته.. كذب ما يذيعه أولئك الكفار وإن زخرفوه حتى
تخيّلوه حقًا.. ومحنة أن ينخدع الناس شعوبًا وأممًا بهذه الأضاليل.."(2).
[ 2 ]
".. إن [محمدًا صلى الله عليه وسلم] لم يتلق دروسًا على أستاذ أبدًا وكانت
صناعة الخطّ حديثة العهد آنذاك في بلاد العرب، ويظهر لي أن الحقيقة هي أن
محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لم يكن يعرف الخط والقراءة، وكل ما تعلم هو
عيشة الصحراء وأحوالها وكل ما وفق إلى معرفته هو ما أمكنه أن يشاهده
بعينيه ويتلقى بفؤاده من هذا الكون العديم النهاية.. أنه لم يعرف من
العالم ولا من علومه إلا ما تيسّر له أن يبصره بنفسه أو يصل إلى سمعه في
ظلمات صحراء العرب، ولم يضره.. أنه لم يعرف علوم العالم لا قديمها ولا
حديثها لأنه كان بنفسه غنيًا عن كل ذلك. ولم يقتبس محمد [صلى الله عليه
وسلم] من نور أي إنسان آخر ولم يغترف من مناهل غيره ولم يك في جميع أشباهه
من الأنبياء والعظماء – أولئك الذين أشبههم بالمصابيح الهادية في ظلمات
الدهور – م