" ( وعجلت إليك ربي لترضي ) "
في رمضان يتسابق المتسابقون , ويتنافس المتنافسون , الطالبون لمرضاة ربهم ,لأنهم على يقين بفضل هذا الموسم , وأن اليوم السباق وغدا توزع الجوائز يوم تُوفى كل نفس ما كسبت
ولقد جعلوا شعار كليم الرحمن"وعجلت إليك ربي لترضي "
دافع لهم لتحقيق هذا المطلب , والوصول لهذه الغاية النفيسة , وذلك أن رسل الله وأنبيائه , هم أعرف الخلق بربهم وما يجب له عليهم , والمؤمنين متبعين لآثارهم ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ) (الأنعام:90)
وقال عز وجل( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) (الأحزاب:21)
ورمضان فرصة عظيمة للقرب من الله تعالى , والازدياد من الباقيات الصالحات, تذكر وأنت تعيش هذه الأيام المباركة كم من الخلائق تحت أطباق الثرى يود أحدهم أن لو صام معك وقام معك , فأري الله منك خيرا " فليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل "
تفكر في كل رمضان مضى , وكل موسم عليك قد انقضى كيف تلحقك الحسرة في آخره , وتتمنى أن لو عاد إليك لتعمل صالحاً – فأنت في الأمنية -
قال علي رضي الله " إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة والآخرة ارتحلت مقبلة فكونوا من أبناء الدنيا ولا تكونوا من أبناء الآخرة "
يا من أدركت رمضان هذا ماذا أنت صانع به ؟
ألم ترى هذه الجموع الغفيرة وهي تؤم المساجد , وبيوت الرحمن , تحملهم خطى الرغبة , وصدق الطلب ليؤدوا الصلوات , ألم تحركك هذه الصور لتكون في ركبهم ؟
ألم تسمع آهات المذنبين , وبكاء الخاشعين , وهم يبكون بين يدي ربهم ؟
كيف بك إذا قُربوا وأبعدت , وأُتحفوا بالكرامات وسرت حسيراً كسيراً بألمك؟
يا صاحب القلب الطيب , يا من يرجو جنة عرضها السموات والأرض أبشر , فهذا موسم الخير هل , ووقت العودة حل , فاغتنمه قبل رحيله
قُم في الدُّجَى واتْلُ الكتابَ ولا تَنمْ إلا كـنومـة حـائِرٍ وَلْهَـانِ
فلـربّمـا تـأتـي المنيّـة بغتـةً فتُسَـاقُ من فُرُشٍ إلى أكفـانِ
يا حبّذا عينـانِ في غَسَـقِ الدُّجَى من خشيـة الرحمـن بـاكيتانِ
فـالله ينـزلُ كُـلّ آخـر ليـلةٍ لسمـائه الدنيـا بلا نُكْـرَانِ
فيقـولُ هـل من سـائلٍ فأجيبَه فأنا القريبُ أجيبُ منْ نـادانِي
اعلم يارعاك الله أن أكثر الناس حباً لك من أعانك على طاعة , ودلك على قربة , وأخذ بيدك إلى مرضاة ربك , ولا تجد هذا إلا عند أتباع الرسل عليهم السلام , وأرحم الخلق بالخلق ,
وسنسير سوياً هذه الأيام المباركة في سلسة تأخذ بيدك إلى كل خير , وترفع عن نفسك آثار الغفلة , وتعينك على الطاعة ,
فكن معنا