بسم الله الرحمن الرحيم
عظمة ليلة القدر
ليلة القدر ليلة ولادة القران الكريم كما جاء في قوله تعالى :
(حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي
لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ((41)
ليلة القدر الليلة المباركة التي تتفاخر على باقي ليالي السنة ولها الحق في ذلك حيث قال تعالى :
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }القدر3
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }الدخان3
الليلة التي تنزل بها الملائكة تنزيلا حاملة الخير والبركة للإنسانية جمعاء
هذه الليلة التي يبارك الله بها للناس بالعطاء والرحمة وذلك لشرف القران العظيم .
هذا الكتاب السماوي الذي يعتبر دستوراً منجياً وشفاءً للإنسان في الدنيا والآخرة
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }الإسراء82
هذه الليلة التي انزل فيها القران على قلب كبير الذي تفرد
باستطاعة على تحمل هذه الأمانة التي جاء بها جبرائيل (عليه السلام) دفعة
واحدة وتجلى هذا الوصف بقوله تعالى :
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ
عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ
وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
}الحشر21
هذا القلب الذي أقوى من الجبال قلب رسول الله محمد
(صلى الله عليه واله وسلم) الذي بعث رحمة للعالمين بل أكثر من ذلك كان رسول
الله هو عبارة قران ناطق في كل حركاته وهمساته وبكل ما يصدر له من قول
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} النجم
فالله الذي يقول في كتابه الكريم (إِنَّا كُنَّا
مُنذِرِينَ( يقول فيما بعد (إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ( فكان الوعاء
متناسباً كل التناسب مع ما يحتوي.
وهنا تتصل ليلة القدر بمبدأ
الولاية، لأن القرآن الذي أُنزل على قلب الرسول صلى الله عليه وآله كان
لابد له من الانتقال إلى قلب آخر مماثل فيما بعد الرسول، وكان لابد من إمام
ووصي شرعي مختار من قبل منزل القرآن نفسه .
فكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو الولي من بعد رسول الله 0صلوات الله عليهم أجمعين) وبأمر من منزل القران الله جلا وعلا
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ
إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ
وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ }المائدة67
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ
آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ
رَاكِعُونَ }المائدة55
فكان علياً (عليه السلام) شاهداً على الأمة بالقران وشهيداً في ليلة القدر في محراب الله عز وجل.
فأين نحن من ليلة القدر؟ وأين نحن من القرآن الناطق؟ وأين نحن من الولاية؛ ولاية الله والرسول والإمام؟
وأين نحن ممن يمثل تلك الولاية اليوم من أمامنا أروحنا لمقدمة الفداء الحجة ابن الحسن (عليه السلام)
الذي تنزل عليه الملائكة وروح القدس في هذه الليلة ليلة التجلي والعظمة لتقدير أمور سنة العباد .
حيث روي :
"إنّ الله يقدّر فيها الآجال والأرزاق
وكلّ أمر يحدث من موت وحياة أوخصب أو جدب أو خير أو شرّ... إلى أن قال:
تنزل الملائكة وروح القدس على امامالزمان، ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه
الأمور.( راجع تفسير علي بن ابراهيم: ج 2، ص 431.)
فهل كنا من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين
أليه في قضاء حوائجه والممتثلين لأوامره وممن يمهدون لدولته وممن يكونون
زيناً له ولآبائه .
أم كنا خلاف ذلك ممن يطعنه باليوم ألف ألف طعنه وممن يقفون أمامه وممن يعرقلون ظهوره الشريف المقدس
فيا أخوتي ونحن بهذا الشهر شهر الخير والعطاء شهر رمضان المبارك
الذي كان مباركاً لتلك الليلة
لنراجع أنفسنا ونحاسبها قبل أن
نحاسب ونجعل من القران ميزاناً لأعمالنا ونوراً لقلوبنا فقد جاء عن أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، حيث قال: "عباد الله، زنوا انفسكم
قبل أن توزنوا، وحاسبوها قبل ان تحاسبوا"
__________________
تحياتي لكم