أكرموه كما يجب فهو راحل

ما إن يحل علينا رمضان ضيفاً عزيزاً على قلوبنا كُنا في انتظاره، حتى يبادر بالرحيل . فهاهي أيامه الأولى تسرع في الانقضاء وليس في أيدينا ما نفعله حيال ذلك سوى أن نكرم هذا الضيف كما أكرمنا أكرم الأكرمين بأن شهدنا قدومه بعد انتظار عام كامل فهي نعمة تستحق الحمد . وإكرام ضيفنا رمضان له طقوسه الخاصة والتي تختلف عن إكرام أي ضيف ،فهي تبدأ من الصيام وللصيام معنى عميق وشامل وهو بالطبع أولى طرق إكرام ضيفنا وأهمها يرافقه في ذلك ختم القرآن إلى صلاة القيام مروراً بالتراويح وغيرها من العبادات والتي كان رسولنا صلوات الله وسلامه عليه يؤديها استشعاراً بروحانية هذا الضيف وتبعه في ذلك الصحابة والتابعون. تبدلت طقوس إكرام ضيفنا العزيز ولا أعرف حقيقة إن كان ما حدث قد حدث فجأة أم أن الأمر تدرج حتى وصلنا لهذه الحالة!!فما أن يُعلن عن قدومه وحتى قبل ذلك تعلن محلات السوبر ماركت عن العروض المغرية والتي تجعل المستهلكين يسارعون إلى ملء العربات بشكل هستيري، وكأنما قد أُُعلن عن قدوم مجاعة قاتلة مخلفين مناظر مخجلة ومؤسفة؛ فحبات الخضار متساقطة على الأرض وقد دُهست! وبعض البضائع مفتوحة دون شرائها!!. ومع بدء أول أيام ضيافة رمضان وتتابع أيامه يملأ البعض ساعات النهار إما بالنوم أو الإعداد لأصناف لا تُعد ولا تحصى من الطعام لملء المعدة التي تكاد أن تقول :»ارحموني فأنا في شهر الصيام!» ليضيع بذلك عمق معنى الصيام . أما عن البرامج والمسلسلات ، فإعلاناتها تسبق قدوم هذا الضيف بأشهر ، وأعدادها في ازدياد كل عام . لقد أصبح موسم المسلسلات والبرامج فينسبونها له بقولهم (المسلسل الرمضاني ) أو (البرنامج الرمضاني ) وهو في أغلب الأحوال لا يمت له بصلة غير أن منتجيه أصروا على عرضه في وجوده مع أنه لا يليق به !. وسلوكيات أخرى كثيرة أصبحت طقوس إكرام رمضان وهي ليس لها علاقة به ولو تكلم لقالها بصوت يشوبه الحزن لحالنا «أنا بريء مما تعملون « لذا فلنكرم رمضان كما يجب فهو راحل. وكل عام ورمضان بإذن الله في ضيافتنا.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]