عدالــــــــة السمــــــــاء

عدالــــــــــة السمــــــــــاء

أنها قصة حقيقية حدثت فى السبعيات , بالرغم من أنها أبكت قلوب عتية إلا أنها عبرة لمن يتجاهل عدالة السماء , ولكل من يعتدى على حرمة غيره ويظن أن الله تعالى غافل عنه .
اليوم السابع من فبراير , السنة ألف وتسعمائة وإثنين وسبعون , الساعة الثامنة والنصف صباحا , الضجيج يدوى فى كل أرجاء القاعة التى إكتظت بالحاضرين والعيون مسلطة على باب صغير خلف المنصة وكأنها ترتقب مصيرها المجهول وفى تمام الثامنة والنصف والخمس دقائق ظهر رجل تبدوا على ملامحه علامات البأس يحمل بين يديه ملفات كثيرة , تخطى الباب بخطوات مسرعة ثم صاح بصوت هز أركان القاعة------------ محكمــــــــــــــــــــــــــــــــا
وقبل أن يتلاشى الصوت قفز الحاضرون من مقاعدهم وعلا السكون القاعة إلا من ضربات القلوب التى هزت صدورهم وعيونهم مازالت مسلطة على الباب, وسرعان ما تبعه ثلاثة رجال وإعتلوا المنصة وما أن جلسوا على مقاعدهم حتى نظر كبيرهم إلى الحاجب دون أن يتفوه بكلمة وكأنها لغة بينهما , وفى لمح البصر إلتفت الحاجب إلى الحاضرين وصاح القضية رقم واحد (سلوى السويفى ضد محمد عزمى) وقبل أن يفرغ من كلماته تقدم رجل كان يجلس فى الصف اللأول وتوجه ناحية المنصة ثم نظر إلى رئيس هيئة المحكمة وقال محامى المتهم يافندم وأخرج ورقة من ملف كان بيده وأودعها على المنصة وقال التوكيل سيادة القاضى .
تفحص القاضى التوكيل ثم وضعه فى ملف القضيه وقال النيابة تتفضل.
النيابة
سيدى القاضى حضرات المستشارين إن المتهم الماثل أمام عدالتكم هو ذئب بشرى وليس إنسانا عندما تجرد من كل مشاعر الإنسانية وإعتدى جنسيا على السيدة سلوى السويفى رغما عن إرادتها ورغما عن توسلاتها ولم يرحم ضعفها و بعد أن إستدرجها أثناء عملها فى الفترة المسائية للشركة يوم 5/12/1971 ففى حوالى الساعة السادسة مساءا طلب منها المتهم إحضار ملف أحد عملاء الشركة من غرفة الملفات وعندما دخلت الغرفة دخل ورائها وأغلق الباب وإعتدى عليها بالقوة وبعد أن
1
إنتهى من فعلته الشنيعة أرغمها بأن تغلق فمها حتى لاتتعرض للفصل من العمل لكن المسكينة لم تستطع أن تستوعب ماحدث وإنهارت وظلت تبكى أكثر من ساعة وهى ملقاة على اللأرض وبعد أن إستجمعت قواها حملت مأساتها وعادت إلى منزلها محطمة لتمكث ثلاثة أيام طريحة الفراش تعانى من جرح لايشعر به إلا من سرق منه الشرف وفى اليوم الرابع توجهت إلى العمل وهى ذليلة منكسرة محنية الرأس وكأن العيون تلاحق فضيحتها ولولا إحتياجها للعمل والمال ماعادت إليه ثانية وكتمت سرها داخلها ولم تبوح به للأحد حرصا على لقمة العيش وخوفا من الفضيحة لكن السفن لاتأتى بما تشتهى الأنفس فبعد مرور حوالى شهرونصف بدأت تشعر الضحية بأعراض تعرفها جيدا فقد سبق لها الزواج من قبل إنها أعراض الحمل سيادة القاضى فتوجت المسكينة إلى أخصائية النساء والتوليد التى أكدت لها بأنها حامل فى 6 أسابيع , لتعود إلى منزلها محطمة ذليلة لاتدرى ماذا تفعل ولمن تشكى فإنهارت فى البكاء كانت تأمل أن تكون أعراض حمل كاذبة ولكن بعد أن هدأت لم تجد أمامها سوى اللجوء إلى الرجل الذى فقد ضميره وأوقعها بها فى الفضيحة لتخبره أنها تحمل منه طفلا ولكن بعد أن واجهته غضب وصرخ فى وجهها وقال ماذا تريدين أتريدين أن أتزوجك وأنا رجل كبير ولى مركزى وأب لوكيل نيابة وطبيب ومهندس , عايزانى أقول للناس إيه أقول إن أنا إتجوزت موظفة بتشتغل عندى أنت بتحلمى ,وسمعتى أعمل فيها إيه شوفى يابنت الناس روحى فضى اللى فى بطنك وأنا مستعد للمصاريف وأياك تدخلى عليه المكتب تانى وتكلمينى فى الموضوع ده فإنهارت المسكينة ومالت على قدميه تقبلها ربما يحن قلبه ويعود ضميره إلى رشده , وبكل وحشية قابلها بضربة من قدميه قذفت بها بعيدا , لكن عيون الغل والكراهية تفتحت وحملاها بقوة لتنهض وهى تتوعد والله سوف أفضحك فى كل مكان ولن أدفع الثمن وحدى , وجرت المسكينة وقدماها مبللة بالدموع إلى زوجته وحكت لها ماحدث من زوجها لتنهار هى اللأخرى وتترك منزل الزوجية , وهنا أقف وأتسائل لماذا تركت الزوجة منزل الزوجية دون أن تنتظر قدوم زوجها وتسمع دفاعه , وأين زوجة المتهم الآن ؟ أين أبنائه ؟ , لم يحضروا الجلسة سيادة القاضى ! أليس بغريبا على عدالة المحكمة ألا يحضر أحدا منهم ,
الإجابة واضحة , ليست بغريبة ولا تدعونا للإندهاش فقد عانت الزوجة كثيرا من
2

خيانة زوجها وليست هى المرة الأولى التى يقف فيها المتهم مرتديا تلك التهمة , فقد سبق وأن حاول إستدراج إحدى السيدات مما يعملن بالشركة عام 1968 وقد قيد ضده محضر شرطة بذلك تحت رقم 165 لسنة 68 وبملف القضية أمام حضراتكم
صورة من المحضر , إن هذا الرجل الماثل أمام عدالتكم هو ذئب فى ثوب إنسان لذا تطلب النيابة من عدالة المحكمة توقيع أقصى عقوبة على المتهم حتى يكون عبرة لمن لايعتبر وشكرا
القاضى
محامى المدعية عايز تضيف حاجة ؟
محامى المدعية
لا سيادة القاضى أكتفتى بكلام النيابة فى حق موكلتى .
ودار القاضى برأسه ناحية قفص الإتهام وقال محمد عزمى فعلا صوت من داخل القفص وقال نعم وتوجهت العيون ناحية القفص إنه رجل فى العقد السادس من عمره تبدوا عليه ملامح اللأناقة والإحترام يخرج من بين المتهمين ويتجه ناحية السياج الحديدى وهو يردد نعم سيادة القاضى .
القاضى
أنت محمد عزمى
المتهم
نعم سيادة القاضى
القاضى
أنت مدير الشركة المساهمة لصناعة الأسمنت
المتهم
نعم سيادة القاضى
القاضى
قول والله العظيم أقول الحق
المتهم
والله العظيم أقول الحق
القاضى
هل تعرف السيدة سلوى السويفى
المتهم
أيوه يافندم سلوى السويفى رئيسة قسم المبيعات بالشركة
القاضى
أنت متهم بالإعتداء الجنسى على السيدةعليه السويفى يوم الأربعاء 5 / 12 / 1971 يعنى من حوالى شهرين , فى تلك اللحظة تقدم رجل للمنصه وأودع ورقة بين يدى القاضى وقال محامى المدعية سيادة القاضى , وده تقرير طبى يثبت بأن موكلتى حامل فى 12 أسبوع , تفحص القاضى التقرير الطبى ثم إلتفت إلى المتهم وقال إيه ردك يامحمد على الكلام ده
3
المتهم
أقسم بالله العظيم أنى برئ ولم أعتدى على تلك السيدة , دى تهمه متلفقه لى ياسيادة القاضى أنا رجل محترم ومش ممكن أعمل حاجه زى كده
القاضى
طيب ليه هى إتهمتك بحاجه زى كده وهى عارفه إن دا ممكن يشوه سمعتها يا أخى طب كانت إتهمتك بالضرب ولا السب مش حتتهمك بحاجة تلوث سمعتها
المتهم
سمعتها إيه ياسيادة القاضى ما هى ست مشيها وحش وسمعتها وحشة , فقفز محامى المدعيه وقاطعه,أطلب من عدالة المحكمة تسجيل ذلك فالمتهم يطعن موكلتى ويسبها فى شرفها وهى سيدة على خلق عال وتتمتع بسمع طيبة , فنظر المتهم إلى المدعية وقال ربنا ينتئم منك , فصاح القاضى وهو ينظر إلى المتهم من بعيد وجه كلامك لهيئة المحكمة يامحمد وإحتفظ بالباقة فى الكلام وإلا سوف أمنعك من الكلام ,
فقاطعه المتهم وهو يبكى آسف لعدالة المحكمة مش قصدى غصب عنى أنا مظلوم والله .
القاضى
كمل كلامك يامحمد إيه السبب اللى خلا الست سلوى تتهمك الإتهام ده وإنت بتقول إنك برئ
المتهم
أيوه يافندم والله العظيم برئ وربنا إنشاء الله حينصرنى , زى ما قلت لعدالة المحكمة إن سلوى رئيسة قسم المبيعات بالشركة , وفى يوم دخلت عليها المكتب لقيت عميل واقف قدمها ومعاها فلوس كتيرة فى إديها وأول ماشافتى إتلخبطت وراحت رمية الفلوس فى درج المكتب أنا شكيت إنها خدت رشوة من العميل ولما مشى سألتها الفلوس اللى كانت فى إيدك يا سلوى بتاعت إيه إتلجلجت وقالت دى فلوسى يا محمد بيه وأنا بأعدها دخل عليا العميل , فقلتلها أوعى يا سلوى أسمع إنك فى يوم خدتى رشوة من حد , ردت , عيب يامحمد بيه مش أنا اللى آخد رشوة أنا صحيح من بيت فقير لكن عينى مليانه الكلام مادخلش دماغى قلت أراقبها وأتأكد , وبعد يومين جت زميله لها إسمها إلهام ودخلت عليا المكتب وقالت لى سلوى بتاخد رشوة وفرضة إتاوه على كل عميل واللى يدفع أكتر ياخد شحنة أسمنت أكتر
والناس زعلانه فرديت عليها وقلت لما ييجى عميل وتشفيها تاخد رشوة تعالى قوليلى بسرعة , وتانى يوم جت الهام وقالتلى فيه عميل جوه عندها فى المكتب وخدت منه 1500 جنيه , قمت جرى من على مكتبى قبل العميل مايمشى وقلتله إتفضل عايزك
4
عندى فى المكتب , وأخدت العميل فى مكتبى وسألته كمية الشحنه اللى خدتها أد إيه ؟ رد العميل وقالى 100000 ألف طن , ودفعت للسيدة سلوى كام , رد العميل ولا مليم يامحمد بيه , وصلنى إنها خدت منك ألف ونصف جنيه قال لا , فرديت عليه إن ماقلتش الحقيقة حلغى الشحنه فورا وضغطت على الجرس , فى الحقيقة أنا كنت بهدده عشان يتكلم فرد العميل خلاص يامحمد بيه حقولك بس بلاش تأذيها , مدام
سلوى خدت منى فعلا ألف ونصف عشان تزود كمية الشحنه .
فى تلك اللحظة حضرت السكرتيرة فقلتلها إندهى على السيدة سلوى ولما سلوى جت رحت مواجها بالعميل طبعا ما أدرتش ترد فقلتلها روحى خليهم يسلموا الشحنة للعميل وتعالى تانى , ولما رجعت قلتها أنا مش قلتلك إوعى أسمعك تاخدى رشوة من حد , قالتلى وإيه يعنى يامحمد بيه ما هو كل الناس بتاخد إكرامية إشمعنى أنا وبعدين كل العملا بيبيعوا بأكترمن التسعيرة يعنى إحنا بناخد حقنا مش بسرقهم , رديت عليها إتفضلى سلمى عهدتك للإلهام وإنت روحى شئون العاملين , قالت طيب سامحنى المرة دى رديت عليها نفذى القرار ياسلوى أحسن ما أطردك من الشركة , وإنصرفت بعدها ونفذت القرار من بعدها مش بتعامل معاها خالص وتاعملى مع مدير شئون العاملين مباشرة .
القاضى
لغاية دلوقت يا محمد ما وضحتش للمحكمة هى حتتهمك ظلم ليه ؟
المتهم
ماهو ياسيادة القاضى واحدة كان بيدخلها آلاف كل شهر وأنا منعتها من العز اللى كانت عايشة فيه ودلوقت يادوب عايشة على المرتب الصغير , واللى تقبل تعيش بمال حرام تقدر تعمل أى حاجه ياسيادة القاضى , نفس الشيطان اللى دفعها للرشوة هو نفسه اللى دفعها للإنتقام منى .
القاضى
يامحمد أنت كان معمولك محضر شرطة من 3 سنين كان فيه واحدة موظفة عندك أتهمتك إنك حاولت تستدرجها عشان تمارس معاها الرزيلة وبعدين الست دى إتنازلت عن المحضر , برضه التهمة دى كانت متلفقالك يامحمد ؟
المتهم لا حضرة القاضى دا حصل فعلا من 3 سنين وأعترف إنى أخطأت وربنا هدانى بعدها وناس كتيرة بتغلط مش أنا أول ولا آخر واحد لكن التهمة دى والله العظيم متلفقالى وأنا برئ منها .
5[COLOR="magenta"]
القاضى

[/size]
سلوى السويفى
وتقدمت سيدة فى بداية العقد الرابع من العمر تبدوا على ملابسها رائحة الموضة وتوجهت ناحية المنصة .
نعم حضرة القاضى
القاضى
إنت سلوى السويفى
المدعية
أيوه سيادة القاضى
القاضى
إيه علاقتك بالمتهم
المدعيه
أنا بأشتغل مديرة مبيعات الشركة المساهمة لصناعة الأسمنت وهو مدير الشركة
القاضى
بقالك أد إيه بتشتغلى فى الشركة
المدعية
بقالى سنتين
القاضى
طيب أنت قلت فى المحضر إن المتهم محمد عزمى إعتدى عليك فى حجرة المكتب إحكى للمحكمة اللى حصل بالضبت .
المدعية
فى يوم الخميس الموافق 5 / 12 أثناء العمل دخلت عليا أم شادى , فقاطعها القاضى
مين أم شادى ؟
المدعية
دى عاملة عندنا فى الشركة .
القاضى
وكانت الساعة كام ؟
6
المدعية
مش فاكرة بالضبط لكن كانت حوالى الساعة 11 صباحا .

القاضى
كملى ياسلوى
المدعية
أم شادى قالتلى المدير عايزك ياست سلوى فى المكتب طبعا جريت بسرعة ولما دخلت ليه المكتب قالى النهارده حنتأخر فى الشغل عشان فيه حاجات مطلوبة لازم نسلمها فى مواعيدها .
القاضى
وإنتم متعودين إنكم تشتغلوا فترة مسائية ؟
المدعية
لما يكون عندنا زحمة شغل وأيام الجرد , وتقفيل السنة المالية .
القاضى
فى اليوم ده طلب من حد تانى من الموظفين يقعد الفترة المسائية ؟
المدعية
مش عارفه حضرتك لكن من الواضح إنه ماطلبش من حد تانى يسهر عشان ماكنش فيه حد موجود فى الشركة بعد الموظفين ما روحوا غيرى أنا والعامله أم شادى
القاضى
فى السنتين دول ماحاولش المتهم يتحرش بك ولو بالكلام ؟
المدعية
لا سيادة القاضى كان بيعاملنى بإحترام مش عارفه إيه اللى جراله !
القاضى
كملى كلامك ياسلوى
المدعية
فى اليوم ده لاحظت إن نظراته ليا كانت مش طبيعية
القاضى
مش طبيعيه ازاى ؟
7
المدعية
كان بيكلمنى وعينه على جسمى , أه إفتكرت وحضرتك قالى إنت شيك قوى النهارده يا سلوى الفستان كإنه متفصل على جسمك ودى كان أول مرة يقولى حاجه زى كده أنا إتكسفت ورديت عليه وقلتله تأمر بحاجة تانى يامحمد بيه , رد وقالى لا إتفضلى ياسلوى , رجعت مكتبى أكمل شغلى وحوالى الساعة 4 العصر بعتلى تانى وقالى خدى الشغل دا جهزيه عشان لازم يخلص النهارده وحوالى الساعة سته مساءا لقيته داخل عيه المكتب وبيقولى أنا عايز ملف العميل طلعت بتاع بنى سويف من حجرة الملفات , قلتله حاضر لكن كان فيه حاجه من جوايا قلقانى وأنا خارجة من المكتب ناديت على أم شادى عشان تيجى معايا مالقتهاش وكان ساعتها محمد بيه واقف فى الطرقة فرد عليا وقالى أم شادى راحت تجيب لنا غدا وحتتأخر , مشيت لحد حجرة الملفات فتحت الباب ودخلت وأنا بولع النور لقيت محمد بيه ورايا وراح حاطت إيده على كتفى وقالى أنت جميله قوى النهاردة ياسلوى أنا مش عارف جوزك طلقك إزاى دا ما عندوش نظر وراح حاضنى , أنا من كتر المفاجأة حصلى ذهول وما بقتش عارفة أتصرف إزاى , أنا عمرى ما إتعرضت لحاجة زى كده , حاولت أبعده عنى ماقدرتش وراح رامينى على الأرض وحصل اللى حصل .
وجهشت سلوى بالبكاء وإرتمت على الأرض وهرع إليها بعض من الرجال اللذين كانوا يجلسون بالصف الأول وهرجت القاعة وعلت أصوات الحاضرون منك لله ياللى ما عندكش دين ولاضمير, منك لله , فى تلك اللحظة مد القاضى يده إلى مطرقته وقرع على المنصة سكوت ياحضرات سكوت
وتوقفت الجلسة بضع لحظات حتى أفاقت المدعية وجلست على مقعد بالصف الأول
القاضى
شكرا ياست سلوى عايزة تقولى حاجة تانى
المدعية
لاسيادة القاضى أنا عايزة حقى , عايزاه يستر عليا , ربنا يسترك , منه لله اللى فى بطنى دا أوديه فين منه لله , وعادت للبكاء مرة أخرى .
القاضى
محامى المتهم يتفضل
8
محامى المتهم
سيادة القاضى حضرات المستشارين إننا لانشك فى عدالتكم ولكن لايغرنكم التمثيلية الرائعة التى قدمتها المدعية ولى سؤال ياسيادة القاضى ماسبب طلاق المدعية من زوجها ؟
محامى المدعية
أعترض سيادة القاضى على هذا السؤال فهو بعيد كل البعد عن أحداث القضية وهو شيئ سخصى يخص موكلتى
فقاطعه محامى المتهم
لا عدالة المحكمة إن سبب طلاق المدعية هو أحد مفاتيح القضية
القاضى
الإعتراض مرفوض
محامى المتهم
سبب طلاق المدعية هو شك زوجها فى سلوكها فقد كانت المدعية على علاقة غير سويه بصديق له وكما تعلم عدالة المحكمة أن مثل هذه الأمور من الصعب إثباتها قضائيا ولما فيه جرح لمشاعر الزوج فما على الزوج سوى الإكتفاء بتطليق زوجته الخائنه
وإننى ألتمس من عدالتكم إستدعاء طليق المدعيه للشهادة أمام المحكمة .
القاضى
وما علاقة خيانتها لزوجها لمحل القضية
محامى المتهم
علاقة كبيرة سيادة القاضى فمن إستطاعت أن تفعل أكبر الفواحش وتخون زوجها وتمد يدها للرشوة وتعيش من مال حرام , يمكنها أن تفعل أى شيئ آخر , إننى لاأشك فى برائة موكلى ولاأطلب برائته لكنى ألتمس من عدالة المحكمة تحويل المدعية وموكلى للطبيب الشرعى وهو الذى سوف يثبت برائة موكلى .
وبعد تداول رئيس هيئة المحكمة مع مستشارية
القاضى
يحول كل من سلوى السويفى ومحمد عزمى للطبيب الشرعى وتؤجل القضية لجلسة 15 / 3 رفعت الجلسة
9
وإنصرف الحاضرون وعلامات الحيرة تعتلى وجوههم وعلامات إستفهام تملئ القاعة , فبعد أن تحامل كل الحاضرون على المتهم بدأو ينقسمون على أنفسهم , فمنهم من لايزال يتحامل على المتهم ومنهم من بدأ يشك فى برائته , أيمكن أم يكون هذا الرجل الكبير سنا ومركزا قد فعل تلك الفعلة الحمقاء أم أنه كيد النساء لكن كيف وقد إرتمت على أرض المحكمة فهل بلغت درجة إتقان التمثيل إلى هذا الحد وبات الإشتياق للحقيقة ملحا لكن العقول لن تسبق الأحداث , فلينتظروا الجلسة القادمة.

[size=25]السبت 15 / 3 / 1972
موعد ينتظره الجميع بالقاعة قبل المتهم والمدعيه وقبل رغبة الدفاع الكل يجلس وهو يحمل فى رأسه رهانات من سيكسب القضية , من الجانى ومن هو المجنى عليه ؟
وحانة الساعة دخل حاجب المحكمة وصاح محكمــــــــــــــــــــا
وقف الحاضرون وعيونهم مسلطة على هيئة المحكمة وهى تعتلى المنصة ثم صاح الحاجب القضية رقم واحد ( سلوى السويفى ضد محمد عزمى )
وقبل أن بنطق القاضى بكلمة تقدم محامى المتهم وقال الشاهد حاضر ياسيادة القاضى
القاضى
إتفضل أقعد يا أستاذ
القاضى
بعد المداولة وبعد الإطلاع على أوراق القضية وبعد الإطلاع على تقرير الطبيب الشرعى حكمت المحكمة حضوريا على المتهم محمد عزمى بالبرائة .
ودوت صرخة هزت أركان القاعة , إنها صرخة المتهم وهو يصيح أحمدك يارب , أحمدك يارب ياصاحب العدل , أشكرك يارب شفت ياسيادة القاضى مش قلتلك أنا برئ برئ وسجد على الأرض وبكى بحرقة .
وهاجت المحكمة وعلت الإصوات فمنهم من كسب رهانه ومنهم من إستاء لسماع الحكم وهنا قرع القاضى على المنصة بمطرقته
القاضى
هدوء , هدوء من فضلكم
10
حيثيات الحكم ,,,, لقد ثبت من تقرير الطبيب الشرعى أن السائل المنوى للمتهم لايحتوى على حيوانات منوية نتيجة وجود ضمور وتشوه خلقى بالخصيتين منذ الولادة وهو ما يؤكد بأن المتهم لايمكنه الإنجاب ولم يسبق له الإنجاب ! سكتت القاعة وهدأ كل شيئ حتى من أنفاس الحاضرين فقد وقعت الكلمات على الحاضرين
كالصاعقة , وتوجت كل اللأنظار إلى المتهم محمد عزمى الذى أصيب بذهول لحظى , وتوقف فجأة عن البكاء وبرقت عيناه وهو ينظر إلى القاضى ثم صرخ فجأة لالالالالالالالالالالا وصاح بهستريا , لاياسيادة القاضى أنا اللى إعتديت على سلوى الطفل اللى فى بطنها دا إبنى , وأنا أبوه , أنا بخلف أنا عندى 3 أولاد , ماتصدقش التقرير , طيب قولى الدكتور أحمد منين , المهندس ياسر إبن مين , سليم وكيل النيانة إبن مين , لاياسيادة القاضى حرام عليكم أأأأأكيد التقرير الشرعى غلط أأأأيوه أأأكيد غلط , مش ممكن يبقى حقيقة أحكم عليا بالسجن طول عمرى , لالالالا أحكم على بالإعدام , الإعدام أرحم , أروح البيت إزاى , أروح لمين , لما أحمد يقولى بابا , أقوله إيه , أأأأقوله أنا مش أبوك ياحمد ؟ لا حرام كلكم عايزين تدمرونى ليه لييييييه وسقط الرجل مغشيا عليه .
وبكى كل من فى القاعة ومن راهنوا على أنه سفاح مجرم , حتى وكيل النيابة أشفق عليه ودمعت عيناه وتمنى لو أنه لم يترافع ضده وخرج الجميع يشفقون عليه ويبكون من أجله
وعرف بعد ذلك بأنه تم إيداعه مستشفى الأمراض العقليه .

إنها عدالة السماء