من منا أخواتي وهو في معترك الحياة لم يصبه حزن وأسي أو هم وكرب أو حتي قلة في الرزق ..؟ من منا لم يذق طعم الشقاء والتعب ...؟ من منا لم يعاني ويكابد وتوالت عليـه الأزمـات والإبتـلاءات والمحن والشدائد ..؟ كلنا مبتلون .. وكلنا ندور في رحي الدنيا ولا يكاد أن يسلم أحد .. هي حكمة الله العلي القدير ليتبين الصابر من القانط والراضي من الساخط ويقول عز وجل في كتابه الكريم : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ وَالأَْنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين }
والسـعادة ورغد العـيش وراحة البال وطمأنينة القلب مطلـب لكل النفوس البشرية حتي وإن إختلفـوا في تحديد السُبل والمعايير للوصول إليه .... ولكن هناك سُبل ومعايير لا يدركها إلا عبادآ لله يتساوي لديهم شعـور النعمة بالنقمة والإبتلاء بالعطاء ويرون أقـدار الحياة ومصائـبها خير ورحمة ويستقبلونها بعين الرضا فهم لا يجزعون ولا يعترضون ويرضون بكل ما يجريه عليهم ربهم من إعطاء ومَنْع ... وخفض ورفع .. وضرّ ونفع .. ووصل وقطْع مستسلمون لأحكامه عز وجل في تصريف جميع أمورهم حتي وإن كانت مُخالفـة لهوى أنفسـهم ومُعارضة لأمورهم الدنيوية ... قلوبهم أمنة مطمئنة ... فلا يحطمهم جزع ولا يتملكهم خوف ولا تغشـاهم سحائب سخط ... هم أعظـم الناس سرورآ وإطمئنانآ وأبعدهم عن الهم والحزن والضجر فعقيدتهم قد منحتهم إيمانآ ويقينآ راسخآ بأن السعادة كل السعادة في الرضا والشقاء كل الشقاء في السخط .. فهم في شكر دائم وحمد متصل ويرون ما لا نراه ويقول فيهم رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( عجبا لأمر المؤمن . إن أمره كله خير . وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن . إن أصابته سراء شكر . فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر . فكان خيرا له ))
كان الامام الشافعي ماشياً فاذا برجل يسبقه يناجي ربه ويقول: يارب هل أنت راض عني؟ فقال الشافعي : يا رجل وهل أنت راض عن الله حتى يرضي عنك؟ قال الرجل: كيف أرضى عن ربي وأنا اتمنى رضاه؟ قال: اذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت
وقال عامر بن قيس: ( أحببتُ الله حباً هوَّن عليَّ كلَّ مصيبة، ورضَّاني بكل بليَّة فلا أُبالي مع حبي إياه علام أصبحت وعلام أمسيت )
والرضا أخواتي عبادة من أعظم العبادات القلبية ومرتبة من أسمي المراتب الايمانية لإنها تقي النفس من صراعاتها وما يصاحبها من سخط وقلق وخوف وترتقي بها إلي منزلة تستريح فيها وتأمن ولا يدركها إلا عباد الله المؤمنين الذين ذاقوا طعم الإيمان ووجدوا حلاوة اليقين فسكنت نعمة الرضا في قلوبهم ورضي الله عنهم بحسن طاعتهم وإمتثالهم لقضائه وقدره ورضـوا عنه في جميع أحكامه وأفعاله وأمنوا إيمانآ راسخآ أن ورائها حِكمَآ خفية ولطائف دقيقة فاستحقوا هذه المنزلة العالية يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : " إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ! فيقولون : لبيك . ربنا ! وسعديك . والخير في يديك فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى ؟ يا رب ! وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب ! وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني . فلا أسخط عليكم بعده أبدا "
نسأل الله أن يجعلني وإياكن منهم وامة الإسلام يارب .. وندعوه جل وعلا أن لا يجعلنا ممن قال فيهم في كتابه الكريم : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمد حمدا يليق بجلال عظمتك وعظيم سلطانك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
احمد رامى
مدير عام
المزاج : الهوايه : المهنه : الجنس : عدد المساهمات : 16454 تاريخ التسجيل : 07/02/2011 العمر : 44
بطاقة الشخصية :
:
موضوع: رد: إنهم يرون ما لا نرى ؟؟؟؟ الإثنين أكتوبر 24, 2011 1:55 pm
دائما مواضيعك مميزه ياغـــــــــاده بارك الله فيكى وجزاكى الله خيراا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]