أعرفكم بنفسي, أنا الدكتور: عصام سالم طبيب امراض باطنة حديث التخرج .... واليوم فقط تسلمت خطاب تكليفي بالعمل في قرية صغيرة اسمها " الوليدية" بالقرب من أحد مراكز الصعيد...
قرية فقيرة هي تبعد عن المركز بعدة كيلومترات لا بأس بها... و كأي قرية صغيرة من تلك القري البائسة التي لا يميزها شيء تتسم هذه القرية بالبساطة الفطرية و الهدوء التام اضافة الي الطيبة الشديدة لأهلها.
وكان عملي في الوحدة الصحية للقرية يتطلب مني السير يومياً لمسافة تتجاوز الأربعة كيلومترات ثم أدور حول تبة صغيرة تمر بمقابر القرية ومن ثم أجد نفسي داخل الوحدة الصحية...
وبما اني لست من هواة السكن في مكان عملي فقد فضلت ان استأجر منزلاً صغيراً علي اطراف القرية لأبيت فيه مع كلبي الأثير " روكي" الذي اصطحبته معي الي مقر عملي ليؤنس وحدتي و نقوم سوياً انا وهو بالمشي كل يوم من المنزل الي مقر عملي وبالعكس...
وقد تبدو لك المسافة صغيرة ولا تحتاج لأي مشقة .... لكن لو نظرت الي الأرض المنحدرة المليئة بالتراب و برك الماء العفن لأدركت مدي صعوبة الرحلة لطبيب مدني مرفه مثلي.
و استمرت معاناتي مع هذه الرحلة لعدة ايام حتي تورمت قدماي ونال مني التعب قسطاً كبيراً حتي من الله علي بنصيحة من "عويضة" الحارس الخاص بالوحدة الصحية التي أعمل بها, فقد أشار علي "عويضة" بأستئجار حمار من أحد مزارعي القرية يحملني يومياً في رحلتي المرهقة تلك .
و قد لاقي اقتراحه هذا اعجاباً مني, و بالفعل قمت بالأتفاق مع احد الفلاحين علي مبلغ من المال مقابل استعارة حماره ليحملني من و إلي مقر عملي.
وكم كانت فرحة" روكي" بالغة بصديقه الجديد الحمار فبدأ يتقافز حوله وهو ينبح في سعادة و يبصبص بذيله و قد سره اخيراً ان وجد له رفيقاً من عالم الحيوان الذي ينتمي اليه.
و بالفعل اصبح منظرنا مألوفاً لكل سكان القرية و انا امتطي ظهر الحمار ويتبعني كلبي الأبله نوعاً كل يوم من بيتي الي الوحدة الصحية صباحاً والعودة عند الغروب ليلاً في روتين معتاد.
وفي احد الايام فوجئت بهاتفي المحمول يدق عند الساعة الحادية عشر مساءاً و يظهر لي رقماً غير مسجل عندي , فقمت بالرد فجائني صوت "عويضة" صارخاً : الحقني يا بيه ... الولية بتولد يا بيه أنا : أهدأ .... انت فين يا "عويضة" ؟؟؟ عويضة : أني في أوضتي اللي في الوحدة يابيه ... بسرعة الله لا يسيئك ... المرة تعبانة قوي. أنا : طيب خلاص انا جايلك حالاً ... سلام.
أغلقت هاتفي وقمت علي الفور بأرتداء ملابسي و اصطحاب حقيبتي و كلبي الذي أصر علي مرافقتي الي الوحدة , ثم امتطيت ظهر الحمار و الهواء الثائر يكاد يطيح بي من فوقه مع برودة غير طبيعية تكاد ان يتجمد لها نخاعك العظمي ذاته ... و استمرت المسيرة وأخذنا نقترب من التبة التي تقع خلفها المقابر المواجهة للوحدة الصحية.... كنت أترنم باغنية عاطفية ثم بدأت مع شعوري ببعض الخوف برفع صوتي لعلي اتشجع قليلا خاصة و قد بدأنا في اجتياز طريق المقابر... وهنا دق هاتفي المحمول مرة أخري فرفعته متوقعاً ان يأتيني صوت " عويضة" مولولاً إلا اني فوجئت بأن الهاتف يصدر رنيناً فقط دون وجود أي بيانات لأي متصل علي شاشته,
أستعذت بالله وقمت بنزع بطارية الهاتف ووضعها مرة اخري ظناً مني انه مجرد خلل عادي ... فصمت قليلاً الا انه عاود الرنين مرة أخري فما كان مني الا ان القيته ارضا وانا ارتجف ومازال الهاتف اللعين يواصل رنينه المزعج .
استعدت رباطة جأشي وترجلت من علي ظهر الحمار و امسكت بالهاتف الملقي ارضاً و ضغطت علي زر الأجابة ووضعته علي أذني فجائني صوت يبدو كأنه يتكلم من داخل بئر عميق وهو يقول لي : تعباااااااااااان.... تعباااااااااااااان !!!!
و هنا فقط لم اتمالك اعصابي والقيت بالهاتف أرضاً و انا اصرخ بصوت يكاد يوقظ الموتي و انا انظر الي حماري الذي بدا متخشبا كأنه تمثال شمعي غريب المنظر ثم لم يلبث ان نظر إلي و علي وجهه ابتسامة شيطانية و فتح فمه و هو يقول : ما ترد يا اخي وتشوفه تعبان من ايه ؟؟؟؟؟ اقشعر بدني وانتصب شعر رأسي ثم أسلم ساقاي للريح عدواً الي الوحدة الصحية و كلبي العزيز يعدو في إثري و هو ينبح بطريقة هيستيرية... رباه ... أكان هذا خيالاً ام حقيقة ؟؟؟ حمار مسكون !!!!! ياللسخرية وياللرعب .... كنت مازلت اركض والتفت خلفي بين اللحظة والاخري متوقعا ان اجد الحمار الشبح يطاردني الا اني كنت قد اقتربت من الوحدة الصحية مما بعث في بعض الطمأنينة والأمان فتوقفت قليلاً لأستريح جوار ساقية قديمة مهجورة و التقط انفاسي والكلب الذي توقف عن النباح يجلس بين قدمي مذعوراً وهو ينظر إلي في رعب... فقمت بالتربيت علي عنقه و انا انظر لعينيه البريئتين قائلا : هل كانت هذه هلوثة يا صديقي ام هو الرعب ؟؟؟ فنظر الي الكلب قائلاً : يالهوي ... ده انا كنت هاموت من الرعب يا شيخ !!!!!!!!!!!! و هنا فقط سقطت مغشياً عليً ...............ا
تمت
غاده
ADMIN
المزاج : الهوايه : المهنه : الجنس : عدد المساهمات : 18410 تاريخ التسجيل : 08/02/2011 العمر : 44
بطاقة الشخصية :
:
موضوع: رد: الحقنى يا دكتور الأربعاء أكتوبر 19, 2011 12:38 pm
احمد رامى
مدير عام
المزاج : الهوايه : المهنه : الجنس : عدد المساهمات : 16454 تاريخ التسجيل : 07/02/2011 العمر : 44
بطاقة الشخصية :
:
موضوع: رد: الحقنى يا دكتور الخميس أكتوبر 20, 2011 3:20 am
تواجد الرائع ونظره منك على مواضيعى هو الابداع نفسه اسعدنى مرووووووووووووووووورك ياغاده